فتح باب التناوب موقف مشرف/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن/رغم ما كان يروج له و يتوقع البعض أن ولد عبد العزيز،لن يترك السلطة، و سيتلاعب بالدستور،إلا أن الواقع السياسي الراهن جاء عكس ما أشيع، و كاد أن يصدقه الكل .ها هو الرئيس محمد ولد عبد العزيز ،ضمن بادرة نادرة فى الوطن العربي،يستعد سلميا و طوعيا، لترك منصب الرئيس لغيره،دون احتجاجات و مظاهرات أو عنف او قلاقل،رغم أن التوجه،على مستوى البرلمان،كاد أن يحسم تغيير الدستور، لصالح فتح الباب لدستورية المأمورية الثالثة.لكن البيان الرئاسي،الذى تكلم حوله الكثيرون،جاء حاسما للجدل،رافضا للتلاعب بالدستور،مؤكدا ضمنيا على حتمية التناوب،بإذن الله.
و مهما خضنا فى ايجابيات و نواقص حكم الرئيس الحالي، محمد ولد عبد العزيز،إلا أن هذا الموقف المكرس ،لفتح باب التناوب،الرافض رفضا باتا ،لإلغاء الأقفال الدستورية،و الذى أبعد عن الوطن شبح الصراع والتنازع على السلطة ،بسبب موضوع المأموريات المفتوحة،سيظل يذكر فيشكر،ضمن أهم إيجابيات، حكم الرئيس محمد ولد عبد العزيز.
و بصراحة الخروج الطوعي من دفة الحكم،دون ضغوط واضحة بينة،تستحق الذكر،موقف سياسي ،يدل على الحكمة و التجربة و الوطنية.
فالشعب الجزائري ،أقوى من الشعب الموريتاني،و قد انتزع استقلاله من فرنسا،بثورة حمراء،ها هو بعد مأموريات أربع،و حكم رجل أضحى أخيرا عاجزا،مازال يحاول الخلاص من الحكم المفتوح!.
أما نحن بدون عنف،أصبحنا على مشارف انتخابات رئاسية،ستتيح التناوب ،بإذن الله،مهما اعترضنا على نوع هذا التناوب.
أما الدول العربية،فأغلبيتها،لا تتوق إلى هاذا،و لا تطمع إطلاقا،فيما لدينا من حرية الصحافة و التعبير.
إننى لا أدعو إلى تزكية تجربة ولد عبد العزيز فى الحكم و ادعاء خلوها مما يقال و ينتقد،غير أن امتناعه عن الخوض فى المأمورية الثالثة و احترام الدستور ،فى هذا الجانب الحساس الجوهري،يدل و يؤشر على عقله و تجربته و وطنيته،فهو بهذا يفتح المجال، لاستمرارية استقرار الوطن و يتيح لآخر تجربة فرص و خيارات و محاولات جديدة ،لبناء الوطن و التغلب على معاناته و التطلع للم الشمل و رسم خطة، للإصلاح و التنمية.
لقد أردت الوقوف بصراحة،عند هذا الجانب الإيجابي المضيئ المتعقل،من تجربة الرجل فى السلطة،أما لو حصل تعسف المأمورية الثالثة و إلغاء القفل الدستوري،فذلك لن نربح فيه إلا التجاذبات و الاحتجاجات السلمية و غير السلمية،و قد لا نتوقع بسهولة،فى أي مصب ستصب ،فتنها و مضاعفاتها المدمرة الممزقة.
إنها خطوة إيجابية مفيدة،لا يمكن أن تنبع إلا من التحكم فى النفس و الابتعاد،و لو نسبيا عن الأنانية البغيضة.
و لعلها فرصة للتخاطب مع الرئيس محمد ولد عبد العزيز و رموز حكمه،على مشارف مرحلة ختامية انتقالية حاسمة.للقول بصراحة و إيجاز .الحكم متعلق بمصالح الملايين من الناس،بل ربما ستعود إيجابياته و سلبياته على الأجيال القادمة.فهو إذن أمانة ثقيلة ،و الصحافة الجادة لابد أن تخوض أحيانا فى الكثير ،ليس لغرض التجريح و إنما بهدف و غاية التشريح و التمحيص الناجع، لكنكم سيادة الرئيس بهذه الخطوة المحصنة للتناوب دستوريا،قد ساعدتم فى تأمين السفينة الوطنية،من الكثير من المخاطر و الزوابع و التحديات،التى عانى منها غيرنا و مازال يعانى منها آخرون باستمرار.
و أرجو من الله أن يغفر زلاتنا جميعا،و يعيننا على التسامح و التعايش و التعاون ،من أجل مستقبل أفضل.