رمضانيات: الهواتف والمنبهات والساعات تهزم أقدم موروث رمضاني … (تقرير)
    في ظل تطور السريع الذي عرفته المجتمعات -ومن ضمنها بلادنا- وتقدم التكنولوجيا أصبحت مهنة “المسحراتي” شبه منقرضة بعدما كانت قبل عقود مشهورة ومتداولة بصورة كبيرة في بلدان شمال إفريقيا والمغرب العربي الكبير بما فيها موريتانيا
    و وسط شبح الاندثار والزوال النهائي تعدّ محاولات إعادة إحياء موروث “المسحراتي” محتشمة وقليلة جداً في المجتمع الموريتاني وتعد على رؤوس الأصابع، من خلال بروز بعض “المسحراتي” في عدد من القرى والتجمعات الموريتاتية خاصة في منطقة الشرق حيث يقوم بعض الشباب قبل السحور بساعة تقريبا بإطلاق صوتهم وهم يضربون أواني منزلية عند الساعة الثانية مرددين كلمات وعبارات منها “سبحان الله والحمد لله.. السحور السحور” وسحروا ياعباد الله
    وتعود أسباب اختفاء هذا الطقس الرماضي الى تطور المدن الداخلية والتحولات التي شهدتها منذ نحو عقدين وعامل التكنولوجيا الحديثة التي أثرت سلباً على التراث الشفهي والعادات الشعبية في موريتانيا بما فيها “المسحراتي” الذي باتت تنافسه الأجهزة الإلكترونية على غرار “الهاتف” بمختلف أنواعه و”المنبهات” و”‘التلفزيون” و”الإنترنت”.. وغيرها

    وقد سجلت هذه العادة الرمضانية حضوراً دائماً قبل سنوات طويلة في رمضان، يكاد في وقتنا الراهن يختفي بموريتانيا “المسحراتي” الذي ينادي ليلاً لإيقاظ النائمين إلى السحور.

    ويرتبط شهر رمضان في بلادنا بالعديد من العادات والتقاليد التي لا يتوانى المواطنون عن إحيائها، منها ظاهرة “المسحراتي”، أو كما يعرف بالطبال في بعض دول الجوار نسبة إلى الطبل الذي يضرب عليه بالعصا، بالإضافة إلى صوته الشجي المرافق للصوت الذي يصدره الطبل من أجل إيقاظ النيام والإعلان عن بداية وقت السحور.

    وعرفت فكرة المسحراتي قديما لإيقاظ الناس من أجل التسحّر، وبرغم أن الفترة الأخيرة شهدت تطوراً تكنولوجياً ووجود ساعات ومنبهات في كل المنازل، إلا أن المسحراتي ظل أشهر طقوس الشهر الكريم وحافظ على وجوده، في عدد كبير من البلدان الاسلامية منها جمهورية مصر حيث تشتهر كل منطقة أو شارع في مصر بوجود مسحراتي يعرف أهل منطقته جيداً ويتجول للنداء عليهم كل باسمه قبل أذان الفجر بوقت كافٍ من أجل الاستيقاظ.

    وفي عصر الرسول محمد صلى الله عليه وسلّم، لجأ المسلمون إلى فكرة تشبه المسحراتي لمعرفة وقت السحور في ظل عدم وجود ساعات أو طريقة للاستيقاظ، من خلال أذان بلال بن رباح للبدء في السحور، فيما يعرفونه بـ”المنع” عن الطعام وبدء الصيام بالأذان الفعلي للفجر بصوت عبد الله ابن أم مكتوم.
    و اتخذت مهنة المسحراتي بعداً فنياً على يد الشاعر فؤاد حدّاد والموسيقار الراحل سيد مكاوي، حيث انطلق مسحراتي الإذاعة، وفي العام 1964، ومع انتشار التلفزيون أبدع “مكاوي” في مزج هتافات المسحراتي مع الوعظ والإنشاد.

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: