محمد ولد الطالب يكتب: ردا على “هواجس الغيبوبة والاحتراق”

 

لم أتعود الرد، على كل من قال، و لم أحبذ جدل الساسة، ولا سفسطائية المتكلمين، لقد ظل الكلام، بالنسبة إلي، أعظم من أن يلقى على عواهنه، في مهب المماحكات والمهاترات، فكأني نزلت على رأي توماس جفرسون، حين قال: الذين لا يعرفون شيئا، هم أقرب إلى الحقيقة، من الذين يملكون عقولا، مليئة بالأكاذيب و المعلومات الخاطئة، لكنني وإن كنت، حرمت نفسي- عن قناعة- من التبتل في محراب الإيديولوجيات المستوردة، وحمل حقائب أباطرتها، وتوزيع خطاباتهم و منشوراتهم، أيام كانت جامعة نواكشوط، أشبه ما تكون، بمسرح كبير للظلال، فأنا أعرف تمام المعرفة، أن التبدل يكاد يكون، أكثر سنن الحياة رسوخا وتجذرا، لكنه تبدل جميل، فالأنهار تغير مجاريها، من أجل أن توسعها وتنظفها، والأشجار تنثر أوراقها، كي تمنح الأغصان استراحة، وتهيئها لأوراق أكثر خضرة ونضارة، والمواسم تتبادل الأدوار، حفاظا على تناغم أيقونة الزمن والحياة، وحتى لا أنسى، فالأفاعي هي الأخرى، تغير أحيانا جلودها،عندما تتخمر وتتركز نسبة السم تحتها.

وحده الإنسان هو من فشل في ذلك، لأنه لا يمتلك أكثر، من مسلاخ واحد، حتى يلبس لكل حقبة لبوسها، وإن كان البعض، يفتأ يحاول ذلك، فيؤول به الأمر، في آخر المطاف، إلى مزيد من الخيبة و الفشل.

استمعت قبل قليل، إلى الأستاذ محمد يحظيه ولد بريد الليل، في خرجة إعلامية، فاجأتني حقا.

فاجأتني، ليس لأن الرجل، قرر أن يقلب ظهر المجن للنظام، أو أن يغير موقفه، فله كامل الحق في ذلك، لكن ما فاجأني، هو وابل المغالطات، و التنظير غير المحكم، لقلب الحقائق والمسلمات، وهو ما لم أعهده من الأستاذ، فإذا كان أول الرقص حنجلة، فهي في آخره نشاز، ربما أنسى صاحبه المرقص والخطوات، أو أدخله على أقل تقدير، في الذهول والغيبوبة، عن المخزون الثقافي لمجتمع، أدمن دوام الترحال، حتى قال ذات مرة: يمشي عن الدار من لم يحرق الزربا، إن لم أقل المراحلا.

صادف هذا النظام، هوى في نفس الأستاذ، منذ الوهلة الأولى، فأعرب عن ذلك كتابة وكلاما أحيانا، وصمتا طويلا- والصمت علامة الرضى– أحيانا أخرى، وتقلد مأموريتي رئاسة مجلس إدارة كنام، ومع نهاية المأموريتين، ورفض الرئيس لكل مأمورية ثالثة، بدأ-على ما يبدو- الاتجاه المعاكس.

ما يصدم اليوم، أن يطالعنا الأستاذ، مستخدما كل الوسائط والوسائل، متقمصا دور الطبيب المواسي، تارة ودور رجل الإطفاء المقدام تارة أخرى، ليخبرنا أن خيلا بالوادي، و ليحاول جاهدا أن يقنعنا، أن البلد في غيبوبة، وأن الأرض من تحتنا تحترق.

لطفا أيها الأستاذ.. أين كان الطبيب المواسي، قبل عشر سنوات؟ وأين كان رجل الإطفاء المقدام، منذ عشر سنوات؟ وأين كانت المطارات والموانئ والطرق والجامعات وأين كانت الحالة المدنية وأين كان الأمن والاستقرار وأين كانت الحريات وأين كان وأين كان وأين كان……؟

أين كانت طليعتنا يوم عشش وباض وأفرخ علم الصهاينة على سماء عاصمتنا العزيزة. يومها، شاهت الوجوه وبقيت الأفواه مكممة، فلا تسمع للقوم ركزا.

أين كانت طليعتنا حين انتشر خطاب الكراهية و حين خرج الشعب الموريتاني بأكمله بقيادة صاحب الفخامة نبذا ومحاربة لهذا الخطاب؟

إن رئيسا أقدم على مغادرة الحكم بطواعية تامة، وهتافات الجماهير وأغلبية البرلمان، تطالبه بالاستمرار، في حين تشبث الرؤساء الآخرون من حولنا بكراسيهم حتى لاذ بعضهم بالفرار تحت جنح الظلام، و نعي البعض سياسيا حيا، وهو على كرسي متحرك،  وهما من ضربت لنا بهما الأمثال، ونصبتهما قدوة، إن رئيسا بهذه المواصفات، حري بجدارة أن يرسم اسمه مخلدا في ذاكرة التاريخ، وهو ما كان، وهو، لكريم علمكم، ما سيكون.  وإن غدا لناظره قريب.

واليوم وقد أطل الفتى الخلوق، والمثقف والقائد المجرب وابن الأمة البار المرشح محمد ولد الشيخ محمد أحمد الغزواني ، تخيرت موريتانيا لنفسها وحاز الترشيح عصا السبق، وتحدثت بلاغة الانجازات، بلسان فصيح قائلة، أن لا رجعة لعهود الفساد.

فالشعب من بعد عزيز، بحاجة إلى قائد قادر على مواجهة التحديات وتحمل المسؤولية، رجل بحجم ما يتطلع إليه الموريتانيون من تعليم منهجي وميداني، و صحة و نظام ومساواة وعدالة ومن تشييد وبناء ومن فصل بين الحرية والفوضى. وقد برهنت خطابات المرشح المتمحورة حول كل هذا عن قناعات شعبنا بهذا الرجل الفذ فالتف  حوله وآمن بالأهداف التي يدعو إليها والتي يريد لموريتانيا تحقيقها إكمالا لما تحقق وأنجز في العشرية الأخيرة.

 

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: