تشكل بلدية عرفات، -كبرى مقاطعات العاصمة- تحديا حقيقيا للنظام، وفي الوقت ذاته، تعتبر مكسبا لحزب تواصل المعارض، ظل محتفظا بإدارتها منذ سنوات، وفشلت كل محاولات النظام لانتزاعها منه، وخلال الانتخابات الأخيرة قبل أسابيع، سارعت جهات في النظام لإعلان فوز الحزب الحاكم بعرفات، ثم ما لبث حزب تواصل أن أكد أنه حسم البلدية لصالحه، لتؤكد لجنة الانتخابات فوز تواصل بفارق تجاوز 100 صوت، فيلجأ الحزب الحاكم للقضاء طاعنا في تلك النتيجة، وبعد أخذ ورد، ومداولات استمرت أسابيع، جاء قرار المحكمة العليا بإعادة الانتخابات في بلديتي عرفات، والميناء، لتعود المنازلة بين النظام، وتواصل إلى نقطة الصفر، وشكل قرار إعادة الانتخابات تجسيدا لتكتيك حربي قديم “علي، وعلى أعدائي”.
إذا كان قرار القضاء إعادة الانتخابات في عرفات فتح الأمل أمام النظام لكسب البلدية “العنيدة”، إلا أن مراقبين يرون أن هذا القرار لا يمنح عرفات على طبق من ذهب للنظام – بالضرورة-، ذلك لأن حزب تواصل سيستميت هذه المرة في الدفاع عن عرفات كما لم يفعل من قبل لإحراج النظام، وإلحاق ثالث هزيمة به في عرفات خلال أسابيع، وستصطف المعارضة بمعظم أحزابها لدعم تواصل في وجه النظام، لكن النظام في المقابل أمامه فرصة حقيقية للتقاط الأنفاس، ومراجعة خططه في عرفات، وحشد جميع أوراق الضغط لفك هذا اللغز، وكسر هذا النحس، ويرى محللون سياسيون أن على النظام – إن هو أراد الفوز بعرفات هذه المرة- أن يغير جذريا أسلوب تعامله مع سكان هذه المقاطعة، وأن يبعد عن الواجهة أولئك الأشخاص- ومن بينهم وزراء، ورجال أعمال- الذين ظلوا يحتكرون تمثيل عرفات لدى النظام، ويعتبرون أنهم يحتفظون بمفاتيحها، وأثبتت الانتخابات أنهم سبب خسارة النظام، كما أن على النظام أن يزج بقيادات حزبه المتمرسين في العمل السياسي الميداني، وأن يشرك المجموعات القبلية كافة في هذه المقاطعة، وينهي استبداد قبيلة واحدة بهذه المقاطعة، واحتكارها كل المناصب الانتخابية، والسياسية فيها، وهو ما أثار غضب المجموعات الأخرى.
إن معركة عرفات هذه المرة ستكون بحسابات جديدة تماما، وتجري في ظل معطيات خاصة، من بينها أن الآلاف من ناخبي هذه المقاطعة عادوا إليها بعد انتهاء عطلة الخريف، وافتتاح السنة الدراسية، وهو ما سيرفع مستوى الإقبال على التصويت، ولا يـُعرف في مصلحة أي من الاتجاهين سيكون هذا المـُستجد، والأكيد أنه في حال استطاع النظام الفوز بعرفات هذه المرة فسيكسر حاجزا نفسيا مهما، ويحكم قبضته – تقريبا- على العاصمة، وفي حال مـُني النظام بهزيمة ثالثة فستكون ضربة قاضية، ونصرا معنويا كبيرا للمعارضة عموما، وتواصل على وجه الخصوص
الوسط