كفى تشكيكًا في خريطة الحوزة الترابية والسيادة الوطنية: رسالة إلى الساسة والعسكريين المتقاعدين

كفى تشكيكًا في خريطة الحوزة الترابية والسيادة الوطنية: رسالة إلى الساسة والعسكريين المتقاعدين

في الأيام الأخيرة، كصحفي مهتم بالشأن الوطني، استمعت إلى سلسلة من التصريحات المتضاربة، تارة تصدر عن جنرال متقاعد، وتارة عن سياسي أو وزير سابق. لاحقًا، جاء رد من حاكم سابق، أعقبه تصريح للناطق الرسمي باسم الحكومة، الذي نفى بشكل قاطع، خلال مؤتمر صحفي، أن تكون موريتانيا قد تخلت عن أي شبر من أراضيها.

لكن الرد لم يتأخر، حيث خرج الجنرال المتقاعد لبات ولد معيوف لينفي ما قاله الوزير، معتبرًا أنه غير مؤهل للحديث عن الخرائط والسيادة، مدعيًا أنه هو وحده المخول بذلك، باعتباره ضابطًا ساميًا خدم الوطن وقدم التضحيات في سبيله.

وسط هذا السجال المحتدم بين النفي الرسمي والتأكيد غير الرسمي، يبقى السؤال الأهم: من المستفيد من ترويج هذه الشائعة؟
إن كانت صحيحة، فهي خيانة عظمى، وإن كانت باطلة، فهي إساءة بالغة لسيادة الدولة وهيبتها.

التصريحات المتبادلة لم تكن مجرد تجاذب سياسي أو نقاش حول أداء حكومي، بل تجاوزت كل الخطوط الحمراء. نحن أمام أمرين لا ثالث لهما: إما خيانة للوطن، أو إضرار متعمد بمكانته وسيادته.

في ظل تعقيد الخرائط الحدودية بين الدول، وتداخل نقاط النفوذ والاستغلال العرفي للمناطق الحدودية، خاصة بين دول لم تشهد نزاعات مسلحة مباشرة، يصبح من الصعب تحديد الملكية الدقيقة لكل نقطة. ولهذا، فإن الحديث غير المدروس عن “ملكية الأرض” من دون وثائق رسمية وواضحة يُعد تهورًا وخطرًا على الوحدة الوطنية.

في كثير من الحالات، تُعتبر المناطق الحدودية التي تستغلها دولتان جارتان – كما هو الحال في بعض المناطق بين مالي وموريتانيا – مناطق ذات إدارة وخدمات مشتركة، طالما لم تُحدد السيادة بدقة أو لم يقع نزاع مباشر. وتُمنح الأولوية للدولة التي توفر الخدمات العامة من صحة وتعليم وأمن، وهي خدمات لا تُصنَّف حسب الجنسية، بل تُقدَّم للإنسان أينما وُجد.

وعليه، فإن الدولة الموريتانية، بغض النظر عن الجدل القائم حول ملكية بعض القرى، تبقى مسؤولة عن حماية مواطنيها ومنشآتها في أي نقطة من العالم، لا سيما في المناطق الحدودية التي تشهد تداخلاً أو استغلالًا مشتركًا.

وأمام هذا الجدل الحساس والمتصاعد، فإن الواجب الوطني والأخلاقي يفرض على رئيس الجمهورية، بصفته القائد الأعلى للقوات المسلحة، أن يتدخل فورًا لوقف هذا اللغط، وتقديم توضيح رسمي يقطع الشك باليقين، ويضمن أمن الجاليات وحماية السيادة الوطنية في كل شبر من أرض الوطن

بقلم
الصحفي آبيه محمد لفضل
المدير الناشر لموقع اخبار الوطن المستقل

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: