بوادر انقلاب سياسي وإعلامي على الرئيس غزواني تمهيدًا لدعم من سيخلفه
يلاحظ المتابع للشأن السياسي في موريتانيا تغيرًا لافتًا في مواقف عدد من أبرز الداعمين للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني، سواء من النخب السياسية أو الإعلامية. فبعد أن كانوا في طليعة المدافعين عنه منذ توليه السلطة عام 2019، بدأت ملامح انقلاب ناعم تلوح في الأفق، يتراوح بين صمت مريب، وانتقادات حادة لم تكن معهودة من قبل.
أحد أبرز الأمثلة على هذا التحول، صحفي يملك قناة تلفزيونية ممولة من رجال أعمال ذوي نفوذ محلي ودولي، لا سيما في شمال إفريقيا. هذا الصحفي بدأ منذ شهرين شن هجوم ممنهج على الرئيس غزواني، يُعتقد أنه جاء بضوء أخضر من مموليه، الذين بدورهم لديهم مصالح تتقاطع مع معادلات السلطة والنفوذ داخل البلاد وخارجها.
في السياق ذاته، عاد السياسي الإسلامي المعروف جميل منصور إلى الواجهة بعد حصوله على ترخيص لحزب سياسي جديد. منصور لم يتردد في توجيه انتقادات علنية للوزير الأول مختار ولد أجاي وحكومته، في ما يبدو أنه تمهيد لتصعيد تدريجي تجاه النظام برمّته، خاصة مع اقتراب انتهاء الولاية الرئاسية، ومحاولة كسب مصداقية شعبية افتقدها طيلة السنوات الماضية، في ظل تدهور الخدمات العامة وارتفاع أسعار المعيشة.
أما محمد الأمين ولد محمد فاضل، رئيس منظمة تُعنى بالحد من الحوادث، فقد كان في السابق من أبرز منتقدي نظام “العشرية” (حكم الرئيس السابق ولد عبد العزيز)، واشتهر بشعاره “ماني شاري كزوار”. لكنه التزم الصمت طيلة سنوات حكم غزواني، قبل أن يعود مؤخرًا بمقال لاذع ينتقد فيه وزارة النقل، في خطوة أثارت سخرية البعض، بالنظر لتأخره ست سنوات عن فتح فمه.
اللافت أن هذا الحراك لم يقتصر على الأسماء السابقة، بل انضم إليه عدد متزايد من الساسة وصحفيي الحواضر، في ما يشبه محاولة مبكرة لاستكشاف هوية خليفة غزواني والتقرب منه، لضمان استمرار مصالحهم ومواقعهم بعد مغادرة الرئيس الحالي للسلطة.
لكن ما يبدو أن هؤلاء غفلوا عنه، هو أن وعي الشارع الموريتاني قد تطور، وبات يدرك جيدًا أن هذه الشخصيات ليست سوى “أصحاب مصابح”، أي باحثين عن مكاسب شخصية، لا أصحاب مشروع وطني حقيقي. وهو ما يعزز فرضية فشلهم في تسويق خطابهم المعارض القادم، خاصة إذا ما ارتبط بأسماء اعتادت التلون حسب اتجاه الرياح السياسية
الصحفي
آبيه محمد لفضل
أخبار الوطن