الاستثمار ينبغي أن يكون في المدرس والموظف بصفة عامة والطبيب، لا في ساسة التهريج والتملق والإعلام المأجور

الاستثمار ينبغي أن يكون في المدرس والموظف بصفة عامة والطبيب، لا في ساسة التهريج والتملق والإعلام المأجور

كان من الأفضل للرئيس غزواني توجيه موارد برنامج “التآزر” إلى كتلة الأجور ودعم شركة استيراد المواد الغذائية، لأن الدولة تعتمد على المدرس والطبيب والموظف العمومي، الذين يقدمون خدمات فنية ضرورية، بينما يعانون من تدني الأجور وارتفاع الأسعار. في المقابل، يتم توجيه الاستثمار إلى ساسة التهريج والتملق والإعلام المأجور، الذين يركبون السيارات الفارهة ويسكنون الأحياء الراقية مقابل بيع مواقفهم للأنظمة الفاشلة.

لا أمل في دولة تحتقر مربي الأجيال والموظف العمومي، الذي يقدم خدمات جوهرية، بينما تستثمر في ساسة النفاق. ولكي لا نذهب بعيدًا، لا تزال الأذهان تحتفظ بخرجة إعلامية لأحد السياسيين المشهورين، حين اعترف بأن رئيسًا سابقًا منحه رخصة صيد، قام ببيعها بنصف مليار، مستخفًّا بهذا المبلغ، وما خفي أعظم!

إن غياب المحاسبة وسيادة منطق الإفلات من العقاب جعل المال العام في متناول المتنفذين، الذين يتقاسمون الثروة فيما بينهم، بينما يغرق المواطن العادي في دوامة الفقر والتهميش. لقد تحولت الوظائف العمومية إلى مجرد غطاء لنهب المال العام، وأصبحت الامتيازات تمنح وفق الولاءات لا الكفاءات، في حين يعاني الموظفون الشرفاء من أوضاع مأساوية، يواجهون بها أعباء الحياة دون أدنى تقدير أو دعم.

في الدول الديمقراطية، يحمل السياسي مشروعًا وطنيًا يهدف إلى تحسين ظروف المواطن والموظف، ويسعى إلى تسيير موارد الدولة بشفافية لضمان نجاح هذا المشروع. كما أن للإعلامي دورًا رقابيًا مهنيًا باعتباره “السلطة الرابعة”. لكن في موريتانيا، نرى سياسيًا كان بالأمس فقيرًا بسيارة متهالكة وسكن متواضع، يتحول بين عشية وضحاها إلى شخص يركب سيارة فاخرة تتجاوز قيمتها عشرات الملايين، ويبني القصور في الأحياء الراقية، رغم أنه لا يشغل منصبًا ساميًا ولا يُعرف بكونه رجل أعمال، ما يثير الكثير من التساؤلات حول مصدر ثروته.

وعلى النهج ذاته، يسير بعض الصحفيين، فيبيعون مواقفهم بوقاحة مكشوفة، محاولين تلميع صورة النظام الذي يستفيدون منه، مهما كان فاشلًا، ولو كان ذلك على حساب خزينة الدولة، عبر الصفقات المشبوهة. وفي الوقت الذي يزداد فيه تدني الأجور وارتفاع الأسعار، يبقى المعلم والطبيب والموظف الفني في معاناة دائمة مع الفقر، بينما يستمتع أباطرة التهريج والإعلام المأجور برفاهية لا يشعرون معها بهذا الجحيمً

تحرير
موقع أخبار الوطن
الصحفي
آبيه محمد لفضل

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: