موريتانيا: حوار سياسي أم مهدئات مرحلية لمعارضة منتهية الصلاحية؟

أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني، مؤخرًا، عن انطلاق حوار سياسي من القصر الرمادي، جمع بين الأحزاب السياسية الموالية والمعارضة الراديكالية، التي عُرفت تاريخيًا بمعارضتها لجميع الأنظمة المتعاقبة منذ الاستقلال، وذلك عبر محاولات انقلابية أفشلت مسار الديمقراطية.

لم يكن في حسبان أنصار الأحزاب المعارضة أن أعمار هذه الأحزاب الافتراضية وقادتها قد شارفت على الانتهاء منذ بداية النظام الحاكم في 2019، وهو ما أدركه الرئيس ولد الغزواني سياسيًا، حيث لجأ إلى استخدام “لقاح مهدئات الحوارات”. وقد أظهرت النتائج فعالية هذا النهج، خاصة مع شخصيات مثل أحمد ولد داداه، ومحمد ولد مولود، ومسعود ولد بلخير، وجميل منصور، إضافة إلى بعض قادة حزب “تواصل”. فيما يبدو أن جرعة أقل قد تم تخصيصها للزعيم بيرام ولد الداه ولد اعبيد ورئيس حزب “تواصل”، بهدف الإبقاء على صورة ديمقراطية شكلية لا تثير أطماع القوى الخارجية الساعية للاستفادة من أي فراغ سياسي.

وفي سياق متصل، هناك مؤشرات على أن نصف الجرعة المخصصة لبيرام ولد الداه ولد اعبيد قد تضمن مادة تعزز تزكيته من حزب “الإنصاف” للترشح في الانتخابات الرئاسية القادمة، مع توجيه بعدم تزكية جميع المرشحين الآخرين لضمان استمرارية لعبة ديمقراطية تفتقر إلى أدنى مقوماتها الحقيقية.

المتابع للشأن السياسي في موريتانيا لا يلحظ أي أزمة سياسية، اقتصادية أو أمنية تتطلب حوارًا طارئًا، بل إن المشهد السياسي الحالي يبدو وكأنه يعاني من شيخوخة واضحة، حيث تحولت الأحزاب المعارضة إلى كيانات فاقدة للتأثير، في ظل بروز “الخط الثالث” الذي يرفع شعارات المعارضة، رغم اعتماده على دعم النظام الحاكم في كل الحملات الرئاسية.

هذا الوضع السياسي المتردي انعكس سلبًا على مؤسسات الدولة الديمقراطية والهيئات الرقابية، ما أدى إلى تفشي الفساد، وإبرام صفقات مشبوهة، وسط تراجع في الخدمات العمومية، وتدني الأجور، وارتفاع الأسعار. بينما في المقابل، نجد أن كبار مسؤولي الدولة وزوجاتهم يعتبرون أداء العمرة من المال العام نزهة، فيما باتت تشييد القصور الفارهة محور أحاديثهم في الصالونات، في وقت يكافح فيه المواطن العادي من أجل تأمين لقمة العيش وسط ظروف معيشية صعبة.
الصحفي
آبيه محمد لفضل
المدير الناشر لموقع اخبار الوطن