رد وزير الداخلية على سؤال الصحفي آبيه يكشف ضعف أداء داعمي النظام سياسيًا وإعلاميًا

في رده على سؤال الصحفي آبيه، كشف وزير الداخلية محمد محمود ولد احويرثي حجم الارتباك والتخبط الذي يطبع أداء بعض داعمي النظام، سواء على المستوى السياسي أو الإعلامي.

السؤال الذي طُرح على الوزير لم يكن بدافع الجهل بأهمية الاتفاقية الموقعة بين موريتانيا والاتحاد الأوروبي، بل انطلاقًا من حرص وطني على توضيح بنود اتفاق تمس بشكل مباشر المواطن الموريتاني، والذي كان له نصيب معتبر من فوائدها، كما أكد الوزير بنفسه.

للأسف، ما رافق هذه الاتفاقية من موجة تضليل وتهويل على مواقع التواصل الاجتماعي، قادها أشخاص غير مؤهلين للخوض في ملفات وطنية بهذا الحجم، ساهم في خلق صورة مشوشة ومغلوطة عن الاتفاقية. الأسوأ من ذلك أن هذا الخطاب التضليلي وجد من يسانده من بعض من يصفون أنفسهم بأنهم إعلاميون وسياسيون كبار وداعمون للرئيس محمد ولد الشيخ الغزواني.

هؤلاء ــ عن قصد أو جهل ــ شاركوا في تشويه صورة النظام من خلال بث أكاذيب واتهامات لا أساس لها، متذرعين بأنها “اتفاقية لاستقبال المهاجرين”، بينما الحقيقة مختلفة تمامًا، والاتفاقية تمثل مكسبًا سياسيًا واقتصاديًا لموريتانيا.

ومن المؤسف أن نجد شخصيات عامة ــ يفترض بها أن تكون قدوة في الوعي والانضباط ــ تلهث وراء البثوث المباشرة والجدل السطحي بحثًا عن “اللايكات” و”المشاهدات”، ولو على حساب الحقيقة والمصلحة الوطنية. هذه الممارسات تنمّ عن قصور في الفهم، وسذاجة في التقدير، وتُظهر إلى أي مدى يمكن لبعض الشخصيات أن تتحول من أدوات دعم إلى عبء إعلامي على النظام نفسه.

إنّ الابتعاد عن مكب “مشاهير التفاهة” ليس مجرد ترف فكري، بل ضرورة ملحة في عصر أصبح فيه الضجيج يطغى على العقل، والتفاهة تسبق المعلومة، والمحتوى الهادف يُدفن تحت ركام من الهراء الرقمي. مسؤولية النخب ــ سياسيين وإعلاميين ــ اليوم هي حماية وعي المواطن، لا التنافس على جمهور “الترند” الزائف.

فقد أصبح واضحًا أن تأثير هذه الفئة من مشاهير المنصات لم يعد يُستهان به، فهم يوجهون الرأي العام، ويعبثون بالحقائق، ويشوّهون الصورة العامة عن الدولة ومؤسساتها. وبدلاً من التصدي لهم بخطاب وطني رصين، ينجر بعض من يُفترض أنهم داعمون للنظام لمجاراة هذا الخطاب الشعبوي، إما بدافع الجهل أو المصلحة الذاتية الضيقة.

تابعنا باستغراب بثًا مباشرًا لأحد الشخصيات المحسوبة على داعمي الرئيس، يطالب بمراجعة الاتفاقية وهو يجهل حتى تفاصيلها. هذا النوع من الخطاب لا يخدم النظام ولا يخدم الوطن، بل يقدم خدمة مجانية للمضللين والمشككين.

كان من الأجدى أن يلتزم بعض داعمي النظام الصمت بدلًا من الإسهام في نشر الفوضى الإعلامية، وترك الأمر للمؤسسات المختصة لمعالجة القضية بمهنية بعيدًا عن تأثيرات سطحية لا تستند إلى أي معرفة أو مسؤولية.

إن حماية الوعي الوطني، ومكانة الدولة، وهيبة مؤسساتها، تبدأ من الالتزام بالمسؤولية الإعلامية والابتعاد عن فخ التفاهة، لا بالوقوع فيه بدعوى الدفاع عن النظام

بقلم الصحفي
آبيه محمد لفضل

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: