اعتقال رئيس سابق قبل صدور حكم قضائي!/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول/

اعتقال رئيس سابق قبل صدور حكم قضائي!/بقلم عبد الفتاح ولد اعبيدن-اسطنبول/لقد أظهر هذا التصرف مدى عدوانية الموريتانيين،شعبيا و رسميا.
اعتقال رئيس فى سياق جريمة نكرة،بعد صدور حكم إدانة،قد يستسيغه البعض،أما اعتقال شخص كان يقود شعبا بأكمله و دولة برمتها،و قبل صدور أي حكم قضائي،فهو فى نظرى، تعبير عن عدوانية الجهات، التى أقدمت على هذا التصرف،و مع سكوت النخبة و جميع فصائل هذا الشعب، لنصبح جميعا عدوانيين،دون شك!.
فمباشرة من القصر إلى السجن،و مع السكوت و المباركة الصريحة،من قبل البعض!.
ألا يدل هذا على روح عدوانية كامنة فى كياننا الجمعي؟!.
أليس من الاحتقار لأنفسنا، أن نسجن رئيسنا وحده،بعد أن ادعينا أنه مشترك فى تهمته مع كثيرين آخرين،أخرجناهم جميعا من دائرة التهمة و أبقيناه وحده،ثم نهينه داخل سجنه،و نفتشه عنوة و بأبشع الصور!.
ترى ماذا يجرى فى موريتانيا؟!.
و مهما قيل عن الرئيس، محمد ولد غزوانى شخصيا، و عن استقلالية القضاء،و أن القضاء هو المعني وحده،فقد أظهر هذا التصرف مدى تفريط ولد غزوانى فى مقتضيات الصداقة،مهما كانت الاختلالات،فعلى الصديق الشخصي،ما يجرى الآن بحق الرئيس السابق،محمد ولد عبد العزيز،يؤكد على قسوة ولد غزوانى، فى حق صديقه الأول،الذى تقول السير أنهما ارتبطا ب 40 سنة من الصداقة،ثم تنقلب إلى كراهية و تدابر و سجن و أزمة سياسية عميقة،تشوش على الاستقرار و تمس من قيمة الصداقة،كمكسب اجتماعي و أخلاقي،تقاس به أخلاق أمة و مقدار وفاءها لتقلبات الحياة و صلاتها.
لا شيئ كسبه ولد عبد العزيز،إلا عداء الجميع،و قد يفهم ذلك من خصومه،أما أن يأتي من الجميع و من طرف من كنا نتصور،أنهم الخلص من أصدقاءه و محيطه،فذلك حدث يكاد يعمق انطباعا،غريبا عدوانيا عن مجتمعنا المتقلب المتخلف،عقليا و أخلاقيا،على الأقل فى هذه الحقبة،من تاريخه.
شعب يتنكر لعلاقاته و صلاته العميقة،شعب مريض و لا حاضر له و لا مستقبل!.
و لا أناقش هذه المعانى من زاوية استحقاق ولد عبد العزيز لهذا العقاب،أو عدم اسحقاقه،و إنما أنظر فى الموضوع،من الزاوية الأخلاقية و القيمية.
لم أكن أؤيد رجوع ولد عبد العزيز لحزب الاتحاد من أجل الجمهورية،دون تنسيق مع صاحبه،بحكم طبيعة السياسة فى بلدنا و غيره من دول العالم الثالث،و لن أساند انقلابا على رئيس منتخب،مهما كانت نواقص أو شوائب انتخابه،و لست ضد محاكمة أي حاكم أو محكوم،بصيغة موضوعية،و لكن ما جرى مع ولد عبد العزيز،بطريقة انتقائية،يضر بسمعة رئيسنا الحالي و قضاءنا و مجتمعنا و دولتنا،فجدير بنا مراجعة فورية لوضعية رئيسنا السابق،محمد ولد عبد العزيز.
و من الملاحظ أن بعض الناشطين إعلاميا يفضلون التحريض و القسوة،و فى هذا الاتجاه ساندوا صراحة،كل تضييق ضد خصومهم و ضد ولد عبد العزيز، بوجه خاص.
و لعل بعضنا لا يحسب حسابا دقيقا لخطورة التصعيد،خصوصا حين يكون كل رئيس معرض للسجن،و لو فى جو لا يخلو من تصفية الحسابات.
يومها سيصبح الجو مشحونا،و بعيدا عن التعايش السياسي الإيجابي.
و إن كانت طبيعة السلطة، الصراع المحتدم للحظوة بها،إلا أنها منذو سنة 1978،اتسمت صراعاتها بالاستمرار، حتى بعد ادعاء تكريس التعددية.
هذا الجو من الصراع السيزيفي،مس سمعة العلاقات بين ضباطنا،فحتى غزوانى و عزيز،رغم ما يدعى من صلات ظاهرية عميقة،انتهت صلتيهما للنزاع و الخلاف المدمر،مع انعكاس هذا الخلاف الثنائي على الدولة كلها.
فإلى متى، تسرى فينا هذه الروح من الصراع و الكراهية،و لماذا لا نبحث عن مخارج للتهدئة و التفاهم.
و ينبغى أن نسجل بأسف أن نظام ولد غزوانى،لم يحارب الفساد فترة العشرية،و إنما صادر حرية شخص واحد،بتهمة عدم التوقيع فى سياق شروط الرقابة القضائية و بقي المتهمون الآخرون يسرحون و يمرحون،بما حازوا عليه من مقدرات مالية ضخمة،مثيرة للجدل،بينما فى تونس حددوا المبلغ المتسرب و المسؤولين عن ذلك الاستحواذ غير المشروع،و حتى قيس اسعيد،المثير للجدل،قال بأنه لا يريد سجن المعنيين و لا حتى التشهير بهم،و إنما استرجاع الأموال،فى شكل مشاريع تخدم الناس.
أما تجربة مكافحة الفساد فى موريتانيا،فمازالت حتى الآن،مزاجية تحريضية و عدوانية فحسب،و حصرت فى نطاق ضيق و انتقائي.

التعليقات مغلقة.

M .. * جميع الحقوق محفوظة لـ موقع أخبار الوطن 0

%d مدونون معجبون بهذه: