سأحاول من خلال هذه الدراسة أن أبرز أهم المعوقات التي يعاني منها المستثمر الأجنبي في موريتانيا مع التركيز على الجانب القانوني نوعا ما.
لكن في البداية سأحاول تعريف الاستثمار وأهم السبل الكفيلة لتحقيق النجاح في جلب الاستثمارات سواء الدولية أو الوطنية التي تقوم بها الدولة من جهة ورجال الأعمال الوطنيين من جهة أخرى.
اختلفت التعريفات في الصياغة لكن اتفقت في المضمون باختلاف المدارس الاقتصادية والقانونية بداية سنبدأ بتعريف مفهوم الاستثمار في اللغة هو”طلب الثمرة لأن الألف والسين والتاء تدخل على الكلمة في اللغة العربية بيان الطلب وأثمر الشجر أي طلع ثمره ,وأثمر الرجل أي كثر ماله والثمرة أي المال المثمر فاستثمار المال هو ثمرته ونتاجه ونماؤه .
وقد عرف بعض الاقتصاديين الاستثمار بأنه “إضافة جديدة إلى الأصول الإنتاجية الموجودة في المجتمع بقصد زيادة الناتج في الفترات التالية أو أنه مجموع الإضافات الصافية من المنتجات الرأسمالية إلى الثروة القومية أو إلى رصيد المجتمع من رأس المال”.
كما يرى البعض بأنه”العملية الناشئة عن تدخل إيجابي لأحد الأفراد يهدف إيجاد تجهيزات دائمة تؤمن خدمات عاجلة , أي الحصول على قيمة جديدة تضاف إلى القيمة الاقتصادية الأساسية المستثمرة”
هذا فيما يخص التعريفات أما أهم السبل الكفيلة لتحقيق النجاح في جلب الاستثمار فسنحاول إيجازها في مجموعة من النقاط وهي كالتالي:
*بناء الرأس المال البشري : وهذا ما ميز الاقتصادات الأسيوية الكبرى مثل الصين وسنغافورا وماليزيا وأندنوسيا فقد ركزت هذه الدول على المستوى التعليمي والمهارات المعرفية وذلك بتحقيق شمولية التعليم في وقت مبكر بينما مازلنا نحن في موريتانيا نعاني من ويلات إصلاح تعليمي مهزوز وعدم وجود إستراتيجية تعليمية ذات ملامح واضحة .
* ومن العوامل المشجعة لجلب الاستثمار الحد من التحيز ضد الزراعة وخاصة أن موريتانيا تمتلك مناطق في مختلف ربوع الوطن صالحة لزراعة في كل المواسم وللاستفادة من تجارب نمور أسيا في هذا المجال نورد أهم السياسات الإقتصادية التنموية المتبعة من طرف هذه الدول وهي كالتالي:
الحد من الضرائب المباشرة وغير المباشرة على الزراعة
التبني الواسع لتقنيات الثورة الخضراء
رفع الاستثمار في البنية التحتية الريفية
وعلى ذكر تبني تقنيات الثورة الخضراء على الحكومة الموريتانية أن تقوم بتفعيل دور المعاهد الزراعية في كل من “كيهيدي” و”روصو” و”بوكي” وتجهيزهم بالمختبرات والكادر البشري المختص وتشجيع التعاونيات الزراعية وتقسيم الأراضي على السكان الأصليين.
وبالعودة إلى موضوع الدراسة الأصلي – أهم المعوقات التي يعاني منها المستثمر- حاولت أن أوجزها في النقاط التالية.
1- -عدم ملائمة الترسانة القانونية أو ما يسمى عند المختصين عدم وجود” الأمن القانوني”.
2- -عدم نزاهة القضاء الموريتاني إلا من رحم ربك. ومن المآخذ الرئيسية عدم السرعة في التعاطي مع الملفات التي لها طابع تجاري. وتعاقد القضاة مع السيدة “خبرة” حتى أصبحت جباية مقننة, في هذه النقطة سيحاول البعض التعليق والقول أن القاضي وخاصة التجاري له الحق في إجراء خبرة لكن لكن هذه الملاحظة التي سطرتها هي عن دراسة أجريتها من خلال دراسة أكثر من خمسين ملف في الغرفة التجارية بمحكمة الاستئناف في أنواكشوط وكانت تواريخ هذه الملفات محصورة مابين سنة 1998إلى 2010 ومن بينهم قضايا مشهورة تزكم الأنوف وتفوح منها روائح الفساد والبيروقراطية التي يعاني منها القضاء الوطني.
3- ضعف الكادر البشري المتخصص من قضاة مكونين على أحدث النظم والقوانين
4- غياب الإحتكاك المباشر بنظرائهم في المنطقة من خلال الدورات التكوينية مع ملاحظة:أن الترسانة القانونية في هذه الدول تعتبر أكثر تقدما من بلادنا وهذا ما يؤكد ضرورة الاحتكاك لزيادة الخبرات لقضاتنا .
5- غياب الإستراتجيات الوطنية لمواكبة التطور الاقتصادي الذي توازيه بالضرورة تطور الترسانة القانونية لجلب الاستثمارات من خلال الإعفاءات الضريبية كآلية لجذب الاستثمارات ومن خلال المنظومة الزجرية في حالة المخالفات لهذه القوانين والاتفاقات الاقتصادية .
6- عدم الصرامة في الأحكام الصادرة عن القضاء الموريتاني على الموريتانيين الذين كانوا أبطال عمليات تحايل على بعض المستثمرين العرب على الخصوص ومن أشهر القضايا في هذا المجال قضية الأمير بندر وولد أحمين السالم . وحتى إن حاول بعض القضاة إصدار أحكام ضد هذه العصابات المنظمة فإن سلطة القبيلة والجاه والمركز الاجتماعي تتحرك متحالفة من أجل الوقوف في وجه أحكام القضاء وعدم تنفيذ ها ومن أشهر القضايا التي عرضة في هذا المجال قضية “العماني” الذي تعرض للخداع من عصابة موريتانية في الإمارات العربية المتحدة وهذا النوع من العصابات تطلق عليه تسمية “الفرسان” ينشط ما بين دبي والرياض والدار اليضاء. . 7- وهي النقطة الجوهرية التي تحتاج دراسة مستقلة وحدها وهي” اتكوميس” وسأعود لها في موضوع مستقل مع الأدلة والإثباتات