أحمد ولد عبد العزيز ذهب فجأة وفي وقت مبكر جدا، تم انتزاعه من عطف والديه البيولوجيين وكذا من كل الموريتانيين الآخرين حيث أنه كان إبنا لكل الموريتانيين ؛ تم انتزاعه من عطف كل المتطوعين لهيئة الرحمة والتي كان رئيسها المثالي.
أعطي هنا أسرارا للرأي العام الوطني على النحو التالي : قدم أحمد من فرنسا يوم الجمعة 18 دجنبر 2015 على تمام السعة الثالثة بعد الظهر حيث كان يقوم بتدريب لنهاية تكوينه في المدرسة الوطنية للإدارة في استرسبورغ، وبعد وصوله ذهب مباشرة لتسليم سيارة لشخص ناقص الحركية أمام مقر الهيئة وفي هذه الخطوة بدأ معنا حملة وطنية لتوزيع الأدوات المدرسية (في تسع ولايات) بدء بمدرسة سيد المختار انجاي في الترحيل بنواحي انواكشوط الجنوبية. وأنهى المساء في حظيرة المؤسسة مع المتطوعين الذين كانوا يستعدون معه، حتى الساعة الثانية صباحا، السفر إلى داخل الوطن، ذاك السفر الذي لن يرجع منه.
سر آخر، عشية الحادثة توقف موكب الرحمة على بعد كيلومترات من أشرم في اتجاه كامور لإسعاف خمسة أشخاص كانوا جرحى حادثة سير . ويأمر أحمد ولد عبد العزيز بأن تفرغ سيارتان من سيارات موكب هيئة الرحمة حمولتهما (لأن سيارات الإسعاف التي كانت ستسلمهما هيئة الرحمة في الطنطان وتمبدغة كان قد تم توزيعهما قبل المقاطعتين المذكورتين) وذلك لنقل الجرحى إلى المركز الصحي في أشرم.
والسر الأخير، لأننا نريد سرد كل ذلك باختصار، عشية الحادثة اجتمع أحمد مع كل المتطوعين في النعمة حوالي الساعة العاشرة ليلا ليشكر الجميع وليرسم طريق العودة في حين طلب مني برمجة مدرستين إضافيتين (في إيديني وواد الناڮة).
وفي الأخير قال للجميع سيروا بحذر حيث قال “من غير الوارد أن نترك شخصا وراءنا، علينا أن ننهي ونحتفل بعيد المولد مع أسرنا إن شاء الله” والتفت إلى السائقين ليقول لهم “بأن لا يسيروا بسرعة فائقة”.
هكذا كان الرجل !
ذهب أحمد، تم انتزاعه من عطف كثير من الناس المحتاجين والذين اكتشفوه في مناسبة كل عمل إيجابي لهيئة الرحمة.
وكان صديقا عظيما لي، وأخا بالنسبة لي والذي كان يحب موريتانيا المتعددة بإخلاص، وكان متأكدا بأن تعدد موريتانيا هو غناها الأساسي ! وكان قد فهم تجذر بعض الآلام في المجتمع الموريتاني والتي كان ينعتها باللامبالاة تجاه مصاعب الجار والجبن والظلم والفقر والأمراض والجهل الشيئ الذي أعلمه حتى الآن !
إن مساهمته في الأوركسترا الوطنية كانت لا تشوبها شائبة ومن دون أية مذكرة كاذبة، وكان التزامه وإخلاصه كاملين، ذهب أحمد إذن بقلب كبير وبروح جميلة، ذاك هو، ضرب بحادثة سير ومات موتة جميلة بأسلحة التقاسم والأخوة المطلقة بين جميع الموريتانيين ومن جميع الآفاق وبيد مناضل كبير للقضايا العادلة ذاك هو أحمد !
سقط في ميادين الشرف بعيدا عن الترف، مادا، بابتسامته المرحة، يده السخية إلى الناس المحتاجين. وقدرت سخرية القدر بأن تقل سيارة الإسعاف التي سلمتها هيئة الرحمة لمستوصف الطنطان رفاق الإنسانية الثلاثة الجرحى جراء هذه الحادثة المروعة إلى المستوصف المحلي !
ولكنه لم يذهب وحيدا ! وكما نقول غالبا الناس الكبار يلتقون دائما !
هناك إبن موريتانيا آخر شاب مثل أحمد لا يسبر جماله، الشيخ عمار انجاي رافق أحمد في
هذه الرحلة بلا عودة !
كان يربطهما كل شيئ، معنى التقاسم والشعور بأنهما الأمل الناشئ للبلد و تجاوز
الانقسامات التي لا معنى لها و الإيثار الفائض والعديد من الصفات المشتركة الأخرى جعلتني لم أتردد في أن أعهد إليه قسم إعلام هيئة الرحمة. وكان الشيخ عمار انجاي يؤدي مهامه بحرفية وبصفة تطوعية في داخل الهيئة مثل الصحفيين الجرحى الآخرين.
كما قدرت سخرية القدر كان الشيخ عمار انجاي قد سأل السفر في سيارة رئيس الهيئة لأداء عمله الصحافي وقوبل طلبه بخيار حسن من طرف أحمد الذي أنزل مناضلا ليركب الشيخ ! وتم قبول الحكم الإݪهي !
إنا لله وإنا إليه راجعون
يتركنا هذان الرجلان تركانا أيتام النفوس الجميلة ! وهذا هو المكان لشكر فخامة رئيس الجمهورية الإسلامية الموريتانية السيد محمد ولد عبد العزيز الذي، على الرغم من الألم الشديد، كان دعما مريحا لنا والعديد من الناس الذين ساندون في هذه المحنة الصعبة.
في هذه الحالة فإن موظفي الصحة تكلفوا برعاية الجرحى على عاتقهم فضلا عن السلطات المحلية.
ولا يسعني قبل الانتهاء من هذه الكلمات إلا أن أؤدي تحياتي الحارة لمتطوعينا الذين ساعدوا جميع الجرحى لطمأنتهم. ورغم الألم كانوا راحة كبيرة للمصابين في الحادثة.
إن هيئة الرحمة تتقدم بتعازيها إلى أسر رفاقنا بالسلام والوئام وإلى كافة الموريتانيين وتتمنى الشفاء العاجل لجرحاها الثلاثة (داوودا سليمان كوريرا وأحمد طالب ومحمد سالم الملقب مادي والذي توفيت والدته بسماعها نبأ الحادثة).
آمدو جلو
المنسق العام
هيئة الرحمة
amdiallo@yahoo.fr