لو حاولنا تشخيص السلوك السياسي لعقول «رجالات السياسة» المريضة التي تقصّر عن فهم الوطنية وادراك قدسيتها وحقيقة دلالاتها فلن نجد أفضل من كلمتي «العهر السياسي في تعبير مختزل لخروج عن المألوف، ومناقضة السلوك الصحيح السوي، سواء على المستوى الأخلاقي، أو على الصعيد السياسي، وهذا ما نشهده اليوم على الساحة السياسية لنكتفي بمواقف لسياسين ومسؤولين بالصحراء يمثلون المنظومة السياسية تم انتخابهم او تعينهم كمندوبين عن الحكومة كي نجدهم اليوم صامتين صمت القبور، في مرحلة تتطلب منهام أن ترفع اصواتهم عاليا أزاء قضايا مصيرية ربما لن يجدي فيها موقف وطني متأخر فلم يترددوا في خلق حالة الفوضى و بيع ضمائرهم مقابل مكاسب آنية رخيصة ، لا يردعهم دين ولا تمنعهم اخلاق، لانهم داسوا على الدين والاخلاق مقابل الدرهم ، باعوا كل القيم التي ارادوا خديعة الناس فيها من اجل مكاسب السلطة، ولكنها سلطة مغموسة بالذل والعار والهوان،وسلطة رخيصة في خدمة اسيادهم
اصبحت قضية الصحراء «يافطة» على الطرقات، غلافاً ملوناً شعاره «الحكم الذاتي » جمعيات منظمات واحزاب سياسية كلما عطشت وجف بئرها قصدت انهار الصحراء لعلها تجد في قوافلها تجارتا مربحة تعم عليها بملاين وما هم بمدافع عنها ، نخبة فاسدة لا تتقن غير دروب الابتذال والابتزاز والتسويف والنفاق، والتكاذب.. نخبة اشعلت الصحراء وهي في مهدها، امتص دمها ودماء ساكنيها، وما تزال، حتى تلفظ انفاسها الاخيرة حيث تختلط الفضيلة بالدعارة الفكرية في اخصاء للوطنية ، وما فضيلة الساسة فيها الا ضرب من ضروب هذه الدعارة .. فه يختلط التواضع بالكبرياء، والنزاهة بالسطو على المال العام فيه تضيع القيم والاخلاق، ويمتزج العدل بالمحسوبية، والاتهام بالبراءة ومحاسبة الآخرين بالتملص من المساءلة وكشف الفضائح الجديدة التي ترتكب يومياً بسبب انانية اصحابها حيث يمارس العهر السياسي بشبق مرَضي
ليس ذلك العهر المرتبط بالجنس بل هو تشبيه لعمل لا يقل عنه دناءة بل أسوأ أحيانا في تحريضه على الإنحلال والتفسخ أو دعوته للمتاجرة بالموطن , عندما يبيع المرء أخلاقة من أجل الكسب أو بدافع غريزة أو حقد دفين ليصبح شيطانا يبث سموما ووساوس , هم الثلاثة سيان السياسي والعاهرة والمسؤول
ومن العهر السياسي المألوف في الصحراء الغالية ان يتصرف ممتهن السياسة والدخيل عليها وكأنه لص (عينك يا تاجر) يسعى وينشغل بالانقضاض على المال العام. وقمة العهر ان يكون هدف رجالات السياسة رغم تناقضاتهم وتضاربهم تقاسم المال العام فيما بينهم، بينما الشعب يتضور جوعاً، مكتفياً بقطعة لحم فاسد، و اوردة الشباب تقطع من البطالة .. دون ان يتجرأ على الانتقاد او الاحتجاج والاعتراض لأن «حاميها حراميها»، ولأن العهر اصبح عرفاً مألوفاً، يمارس من اعلى الهرم حتى اسفل الهرم يبيحون لانفسهم ما يحرّمه الشرع والقانون، يتسلطون على رقاب الشعوب المغلوبة على امرها، ليتحولوا في آخر المطاف الى مجرد عملاء واجراء لقوى خارجية تحمي استمراريتهم
فلا هم يملكون عزة القومية وشهامتها ولا هم يساريون كادحون من اجل الانسان المهمّش.. فأي نخبة هذه وهي تغتصب وطناً بأكمله، وشعباً بأكمله، واقتصاداً برمته.. لتقول صراحة : «الدولة انا وانا الدولة»، «الوطن انا لن تقوم له حيلة بدوني.