وتنذر الأرقام بوضع وبائي صعب للغاية، خصوصا أن هذه الموجة الجديدة تأتي مع اقتراب فصل الشتاء الذي يكون قاسيا للغاية في روسيا، حيث تصعب فيه مكافحة الوباء، خصوصا في المدن المزدحمة، إذ أعلنت غرفة العمليات أن موسكو شهدت أكبر عدد من الإصابات بواقع 6500 يوميا، وجاءت مدينة سان بطرسبرغ في المرتبة الثانية بحدود 2200 إصابة.

وكانت السلطات الروسية قد نفذت خلال الفترة الماضية استراتيجية مركزية في التعامل مع الوباء في البلاد، حيث أطلقت خططا حكومية موحدة تنفذ في مختلف المناطق.

كذلك كانت روسيا الدولة الأولى في العالم التي أعلنت توصلها إلى لقاح مضاد للفيروس “سبوتنيك في”، في شهر أغسطس عام 2020، وأعلنت حملة وقاية وطنية شاملة لمكافحة الوباء منذ أوائل العام الحالي.

لكن الأرقام الكلية لأعداد الإصابات والوفيات في عموم البلاد لم تحقق نتائج بارزة، فقد وصل مجموع المصابين إلى قرابة 8 ملايين، أي أكثر من 4.5 بالمئة من السكان، وهي نسبة تتجاوز حدود المتوسط على مستوى العالم، التي كانت بحدود 3 بالمئة.

كذلك فإن الوباء أودى بحياة 220 ألف روسي، بنسبة تزيد على 2.75 بالمئة من مجموع المصابين، وهي نسبة تقارب ضعف النسبة العالمية.

الآن وبعد مرور قرابة 10 أشهر من بدء حملات التلقيح في مستوى روسيا، لم يتم تطعيم إلا 48 مليون روسي من أصل 146 مليونا هم مجموع سكان البلاد، بنسبة لم تتجاوز 33 بالمئة، فيما كان المطعمون بجرعات كاملة أقل من ذلك بكثير، وهذه النسب أقل من الدول الأوربية، وحتى الكثير من دول العالم الثالث، وأيضا العديد من الدول المحيطة بروسيا نفسها التي اشترت اللقاحات من موسكو.

وتدخلت الرئاسة الروسية بشكل مباشر في الملف الأسبوع الماضي، إذ اعترف المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف إن الطاقة الاستيعابية لأغلب المراكز الصحية في البلاد قد وصلت لحدها الأقصى، وأن الإصابات والوفيات في جزء منها هي من جراء هذا الوضع.

تصريحات مسؤولي الكرملين تأتي في سياق مطالبة القطاعات الاجتماعية الروسي بالمزيد من الالتزام وتوخي الحذر في التعامل مع الوباء، الذي قد يكون له تأثيرات بعيدة المدى على روسيا، خصوصا أن البلاد تعاني تناقصا حادا في أعداد السُكان، ومنذ سنوات.

الباحث المختص بالصحة العامة الدكتور شوقي نيلو، المقيم في العاصمة الروسية، شرح في حديث مع موقع “سكاي نيوز عربية” أسباب عودة تفشي الوباء على المستوى الوطني، قائلا: “روسيا تتصرف كدولة شديدة المركزية في سياساتها تجاه الصحة العامة، وتلتزم الأغلبية المطلقة من مديرياته العامة بتفاصيل الخطط الحكومية في المجال الصحي، ما عدا موسكو وبعض المدن الكبرى والسياحية”.