المدرسة الجمهورية في موريتانيا.. مشروع طموح يواجه التعثر والتحديات بعد أربع سنوات من إطلاقه
قبل نحو أربع سنوات، أعلن الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني عن إطلاق مشروع “المدرسة الجمهورية”، الذي يهدف إلى توحيد التعليم الابتدائي وجعله حكوميًا بالكامل، لضمان تكافؤ الفرص بين جميع الأطفال الموريتانيين.
غير أن هذا المشروع، رغم طموحه، يواجه منذ انطلاقه تعثرًا واضحًا نتيجة جملة من التحديات والعوائق البنيوية.
من أبرز هذه التحديات ضعف رواتب المعلمين وتدني مستوى تأهيل العديد منهم، الأمر الذي انعكس سلبًا على جودة التعليم في المدارس الجمهورية. كما أدى قرار حصر التعليم الابتدائي في المدارس الحكومية إلى حرمان كثير من الأسر من خيار التعليم الحر الذي كان يوفر بيئة تعليمية أفضل وخدمات موازية، مثل متابعة مستوى التلاميذ اليومية، والتواصل المستمر مع أولياء الأمور، وتقديم خدمات الحضانة والرعاية بعد انتهاء الدوام المدرسي.
ويؤكد أولياء أمور كُثُر أن المدارس الجمهورية تفتقر إلى الحراسة والانضباط، مما يجعل الأطفال عرضة للتشرد في الشوارع خلال ساعات الدراسة أو بعدها. كما أن غياب المتابعة الفردية لكل تلميذ أدى إلى تراجع واضح في التحصيل العلمي لدى التلاميذ.
وفي المقابل، تميّزت المدارس الحرة سابقًا بقدرتها على رفع مستويات التلاميذ وتحسين نتائجهم، خاصة في المرحلة الابتدائية التي تُعدّ الأساس في بناء التعليم الوطني.
ومع حظر التعليم الابتدائي في المدارس الحرة، يجد أولياء الأمور أنفسهم اليوم بين خيارين أحلاهما مرّ:
إما تسجيل أبنائهم في مدارس جمهورية متعثرة إلى حد الفشل، أو إبقاؤهم في المنازل دون تعليم منتظم، في وقت تتنامى فيه مخاطر الإدمان على الإنترنت ومواقع التواصل الاجتماعي التي أصبحت أحد أسباب الانحدار القيمي والفكري في المجتمع.
ورغم تسجيل نسب نجاح مرتفعة في بعض الامتحانات الرسمية، إلا أن كثيرين يرون أن هذه النتائج لا تعكس حقيقة المستوى الدراسي للتلاميذ، مما يثير التساؤلات حول معايير التقييم ومصداقية العملية التعليمية برمتها.
وبين طموح الإصلاح وصعوبات التنفيذ، تبقى المدرسة الجمهورية مشروعًا واعدًا على الورق، لكنه يحتاج إلى مراجعة جذرية تضمن تكوين المعلمين، وتحسين ظروفهم، وتوفير بيئة تعليمية جاذبة وآمنة قادرة على حماية أجيال المستقبل .
بقلم
الصحفي آبيه محمد لفضل