ضبابية تلف المشهد السياسي الوطني هذه الأيام مع اقتراب انتهاء مأمورية الرئيس محمد ولد عبد العزيز الأخيرة بقوة الدستور الموريتاني الذي نجح في تحصين المأموريات وفرض التناوب السلمي على السلطة لفترتين مدة كل واحدة منهما خمس سنوات
الرئيس المنتهية صلاحياته لم يقرر بعد من سيكون خليفته في السلطة وسط تضارب في الأنباء وانقسام داخلي بين الأغلبية نفسها واختلاف بدأ يطفو على السطح منذ بعض الوقت .
فمنذ عودة الرئيس من عاصمة الحوض الشرقي مدينة النعمة التى ترأس فيها احتفالية البلاد بذكرى استقلالها الثامنة بعد الخمسين اتضحت ملامح الانقسام والتجاذب بين فريقين كل واحد منهما تقوده مجموعة ذات ثقل اجتماعي كبير ونفوذ في السلطة
فريق بدأ في تطبيق استراتجيته واعلن عن مبادرات داعية الى بقاء الرئيس في السلطة وفتح مأمورية ثالثة حيث عقدت سلسلة اجتماعات ولقاءات سرية وحركت الساحة في كبيريات المدن الموريتانية و واجهت انتقادات حادة وممانعة واضحة لكنها اصرت على التعبير عن افكارها ودعوة الرئيس الى الترشح كخيار وحيد
وفريق لم يظهر ممانعته لكنه قاد حملات سرية مكثفة للحد من انتشار المبادرات والتظاهرات السياسية ويدعوا اصحابه الى ترشيح شخصية مقنعة تشكل صورة لكل الاطراف وخروج الرئيس من باب القصر الرئاسي الواسع احتراما لدستور البلاد ومحافظة على مكسب التناوب الذي يؤسس لديمقراطية عصرية
الانقسام نفسه انتقل الى صفوف خصومهم المعارضين فمايزال المشهد الغائم
فقبل شهور معدودة من موعد دعوة الهيئة الناخبة إلى الاستحقاقات الرئاسية ليست هناك مؤشرات تقدم بداية رد حقيقي من المعارضة على الحراك الكبير الداعي الى فتح مأمورية ثالثة باستثناء تصريحات ومؤتمرات صحفية تندد بالخطوة وتتوعد اصجابها لكن على ارض الواقع لم تتخذ المعارضة موقفا جديا لمواجهة تكتيك السلطة وانقسام أغلبيتها بل اكتفت بالتنديد والوعيد
فالمعارضة نفسها منقسمة فيما بينها ولم تنجح حتى الساعة في الاتفاق على مرشح موحد تواجه به الأغلبية في الاستحقاقات القادمة رغم بدء العد التنازلي لفتح باب الترشح
تنقسم المعارضة الى فريقين كذالك فريق ينادي باتخاذ قرار حاسم في مسألة احتيار المرشح الموحد حتى وان لم يكن من جسم المعارضة المهم ان ترص المعارضة صفوفها وتوحد كلمتها وجهودها ، وفريق يقف خلف ظل الرموز التقليدية التى لاتؤمن بفرضية التناوب وفتح المجال لوجوه جديدة وامام هذا الاختلاف تتتكاثر الضبابية في المشهد السياسي حيث وصلت مواقف القادة، والنخبة، إلى سدرة منتهاها.
ولعل هذا الضجيج الاخير الذي تشهده الساحة من دعوات للتمييز والعنصرية ودعوات للوقوف في وجه وحده كفيل حتما بأن يدفع عامة الأمور الموريتانية إلى مرحلة اكتمال دورتها لتتشكل بصورة جديدة، إن عاجلا أم آجلا، وكيفما يكون
امام هذه الضبابية المتزايدة ينشغل البعض من الموظفين والمسؤولين الكبار في محاولة استكناه مخبآت الغيب لاستشكاف ما يخبئه القدر لهم في ظل هذه الاجواء الغائمة فيزداد الاقبال على جلسات ضرب الرمل لاستكناه المغيبات من حظوظ انتخابية؛ ووظيفية وكيف سيكون مستقبلهم في ظل الرئيس المنتظر فلم يعد التردد على «الكزانات» مقتصراً على النساء الباحثات عن الزواج أو الساعيات لمعرفة اتجاه بوصلة أزواجهن هذه الايام بل باتت وجهة بعض المسؤولين السامين والسياسين البارزين بحثا عن فهم الحاضر والمستقبل
امام هذا الرغبة في معرفة ماستحمله الفترات القادمة يكثر ريع ومداخيل المشتغلين ب”الكزانه” و”الشعوذة “خاصة الموفقين في النبوءات فكثيرا ما سمعنا أن وزبرا أوموظفا قدم سيارة لمشعوذ مقابل البقاء في منصبه او الحصول على منصب أحسن أو سيدة اعطت منزلا لمشعوذ ليعين زوجها في منصب هام.
ويعتمد هؤلاء المتخصصون من قارئي و قارئات الحظ على وسائل مختلفة لقراءة الطالع، أشهرها ضرب الرمل والودع والقراءة في السبحة بينما يعتمد المشعوذون على وسائل اخرى اكثر تعقيدا.