قامت وزارة الثقافة الوصية على الإعلام في بلدنا الحبيب حفل عشاء ونقاش مساء الاثنين 31 دجمبر 2018 بفندق موري سانتر بنواكشوط على شرف الصحافة الموريتانية في لقاء مفتوح هو الأول من نوعه في تاريخ الصحافة والإعلام في بلدنا، وقد حمل هذا اللقاء الحفل عنوانا جميلا يعمق الدفاع عن اللحمة الوطنية ووحدة شعبنا العظيم.
جميل، معالي الوزير، أن تلتقي وطاقم وزارتكم الموقر، بالصحافة الوطنية على هذا النحو، وجميل أكثر أن يكون هذا اللقاء مفتوحا لكل المواضيع الوطنية وتلك التي تشكل هاجس الإعلاميين وهموم مهنيي الحقل الصحفي الخصوصيين والعموميين على وجه التحديد والأولوية.
وأنا إذ أثق شخصيا في مؤهلات معالي الوزير الأستاذ سيدي محمد ولد محم وأهليته لــ”انتشال” الحقل الإعلامي الوطني من الواقع المؤلم الذي بدأ يعرفه منذ بعض الوقت، وأثق كل الثقة في صدق نوايا معاليه تجاه الصحافة والصحافيين الموريتانيين والمهنيين منهم على وجه الخصوص، فإنني أود أن اختصر وجهة نظري حول اللقاء وأولويات الحقل الصحفي الوطني في نقاط موجزة.
معالي الوزير إننا نريد:
– فتح مصادر الأخبار أمام الصحافة حتى تتمكن من الحصول على الخبر من مصدره وخاصة في القطاعات والمؤسسات العمومية وشبه العمومية.
– منح البطاقة الصحفية لمستحقيها ووفق النصوص القانونية المعمول بها، وإعادة تشكيل لجنة البطاقة الصحفية بما يمكن من تمثيل وإعادة تمثيل الهيئات الصحفية الفاعلة.
– ضمان حماية الصحفيين أثناء تأدية مهامهم ومعاقبة كل من يتعرض لهم مهما كان موقعه، وذلك وفق قوانين الجمهورية.
– إعادة تفعيل التواصل مع مهنيي الحقل والفاعلين فيه من أجل بلورة تصور شامل للإصلاح يضمن تمهين الحقل ومأسسته ويعيد الاعتبار لكل أولئك الذين عملوا على مدى عقود وسنوات من أجل الإصلاح والتمهين وتحقيق تطلعاتهم المشروعة في إطلاق مؤسسات ومنظمات صحفية وطنية فاعلة محليا ومنافسة إقليميا ودوليا.
ولا يمكن بالطبع أن يتحقق كل ذلك، أو لا يمكن أن يؤتي أكله، على الأقل، في ظل:
– حصار الصحافة والتضييق عليها وحرمانها من مصادر تمويلها التقليدية وضمان استقلاليتها المالية عن النظام والمعارضة والفاعلين السياسيين والاقتصاديين الوطنيين وغيرهم.
– خلق ودعم ظواهر غريبة على الجسم الصحفي والتمكين لها رغم عدم فاعليتها وعدم أهليتها لأداء أي دور تنموي ايجابي باستثناء تلميع طرف والإساءة لخصومه السياسيين.
إننا نأمل من معاليكم العمل على:
– إعادة الاعتبار للمطبعة الوطنية بوصفها صاحبة تجربة عريقة في الطباعة والنشر وتغييبها وتهميشها يخدم أشخاصا ولا يخدم البلد، كما أن محاولة القضاء على الصحافة الورقية هو عمل لا يليق بأمة مثقفة ناضجة ومسؤولة تغار على قيمها خاصة وأن الصحافة المكتوبة هي أم الصحافة ودعامتها عبر العالم مهما تطورت وسائط التقنيات الحديثة لأن مهنيتها ومصداقيتها وما توظفه وتعيله من صحافيين وعمالا وموزعين وباعة مع “نكهتها” المميزة كل صباح تجعلها ضرورة من ضرورات المشهد الإعلامي الوطني وضرورة تنموية كما هي في العالم كله.
– إعادة تمكين المؤسسات الصحفية من مصادر دعمها التقليدية وذلك بعد وضع أسس وضوابط تمكن من استفادة المؤسسات المهنية وفق ما تستحقه حسب المعايير المتفق عليها وبالاستعانة بالجرد السنوي للسلطة العليا للصحافة والسمعيات البصرية.
– إعادة تنظيم وضبط وتقنين وهيكلة صندوق الدعم العمومي وزيادة الغلاف المالي المخصص له باعتبار دور الصحافة التنموي أهم، أو لا يقل أهمية، من دور الأطر السياسية من أحزاب وهيئات في كل بلدان العالم الديمقراطي المؤسسي المتمدن.
– تفعيل وتطبيق قانون الإشهار الجديد، وخاصة ما يتعلق منه بصندوق الترقية الإشهارية والإعلامية والعمل على أن تشرع هيئاته في تأدية مهامها مع بداية العام الإداري الجديد 2019.
– التوقف وبشكل نهائي عن “صناعة الإعلاميين من العدم” بغية تمييع الحقل، وهو أمر ربما أصبحتم تدركون خطورته على سمعة البلد أكثر من تشويهه للإعلام وللإعلاميين في بلدنا.
– الوقوف على مسافة واحدة من جميع المهنيين والفاعلين في الحقل الصحافي، أفرادا وهيئات ومؤسسات، والسعي لدعم الجهود الرامية إلى توحيد الحقل ودمج هيئاته المتخصصة في هيئتين على الأقل إحداهما للصحفيين وللدفاع عن مصالحهم والثانية للناشرين ولأرباب المقاولات الصحفية ومؤسساتهم بغية تمهينها وضمان حريتها واستقلاليتها.
ذلك بعض أهم ما نود أن يتحقق مع دخول العام الإداري الجديد، وليس كل ما نتطلع إليه، لكنها أولويات كما نعتقد.
وبذلك معالي الوزير تكونون قد عملتم معنا على “انتشال” الحقل الصحفي الوطني من واقعه المتردي بالفعل وحققتم أهم الطموحات المشروعة لمهنيي الحقل في بلدنا.
أحمد ولد مولاي امحمد – رئيس الاتحاد المهني للصحف المستقلة في موريتانيا