يوما بعد يوم تثبت الجماهير الموريتانية في كل مكان تعلقها بالنهج الإصلاحي الذي أسسه ورعاه رئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز خلال العشرية الأخيرة, وتمسكها بالرئيس كربان لسفينة الإصلاح التي يمكنه القفز منها وهي لا تزال في طريقها إلى الرسو على رصيف ميناء النجاة.
لم تكن الاستقبالات الجماهيرية الغفيرة والعفوية التي وقعت أمس في مختلف محطات زيارة الرئيس لولاية الحوض الشرقي سوى إحدى تجليات تعلق الشعب الموريتاني بقائده الذي انتشله من قاع التخلف والفساد ووضعه على سكة الحضارة وبناء المشاريع العملاقة التي تعود بالنفع على الفقراء الذين طحنتهم سياسات الأنظمة المتعاقبة على مدى نصف قرن من الزمن.
فخلال عشر سنوات فقط, تحولت مدن البلاد وأريافها إلى ورشات تعمل ليل نهار، فتم شق الطرق الحضرية والوطنية، في حين تمت إزالة أحزمة البؤس والفقر التي كانت تحيط بالمدن وخاصة في العاصمة نواكشوط ومدينة نواذيبو، لتمنح القطع الأرضية لأسر لم تكن تطمع بالحصول على مأوى مسجل باسمها، تحفظ فيه كرامتها الانسانية، ويقيها حر الصيف وقر الشتاء بعيدا عن الأخبية وبيوت الصفيح، فشيدت بذلك أحياء كاملة تم تزويدها بكافة مستلزمات الحياة.
وبدل مطار يتيم ومتهالك يقع في وسط العاصمة نواكشوط، تم تشييد مطار جديد بالمقاييس الدولة خارج المدينة، وهو المطار الذي تعهدت كافة الأنظمة المتعاقبة بإنجازه وعجزت عن تجسيده على أرض الواقع، كما تم تشييد ميناء تانيت، ووضع الحجر الأساس لميناء انجاكو متعدد الوظائف.
وفي مجال الطاقة استثمرت الدولة في بناء المحطات الكهربائية بمختلف أنواعها، التقليدية والشمسية والهوائية، حتى أنها أصبحت تصدر الطاقة لبعض دول الجوار.
وفي مجال توفير المياه، انتقلت مدن نواكشوط ونواذيبو ومدن الحوض الشرقي ومكطع لحجار في لبراكنه… وغيرهم من مدن البلاد، من الوضع الكارثي والعطش المستمر، إلى وضع يستهلكون فيه ما يريدون من ماء صالح للشرب بمجرد لمسة زر.
وفي نواكشوط تمكنت الدولة من إيصال مياه مشروع آفطوط الساحلي إلى كافة أحياء المدينة، وهو المشروع المتعطل منذ عهد الرئيس الأول للبلاد، وفي نواذيبو تم تعزيز مولدات ضخ المياه ببلنوار وتوسيع شبكة الأنابيب، وفي ولاية الحوض الشرقي وجميع المدن التابعة لها تم تمويل وإنجاز مشروع عملاق هو مشروع آفطوط الشرقي، وتأتي زيارة رئيس الجمهورية لولاية الحوض الشرقي أمس تعزيزا لمتابعته الشخصية لسير الخدمات الموجهة لصالح المواطن دون وسيط.
وفي مكطع لحجار تم استجلاب المياه من مسافة تزيد على 100 كلم، كما تم حفر عشرات الآبار الارتوازية في أكثر من نقطة عبر البلاد، وبذلك ودع الموريتانيون سنوات العطش إلى غير رجعة.
وفي مجال الصحة، تم بناء وتجهيز المشتشفيات متعددة التخصصات في نواكشوط وعواصم الولايات وفي بعض المقاطعات، كما تم اكتتاب واستجلاب الكفاءات الطبية اللازمة، وعرف مرضى الداخل، لأول مرة في حياتهم، أن هنالك جهاز فحص يسمى “سكانير”، لم يكن يوجد منه غير جهاز واحد متهالك في العاصمة نواكشوط.
وفي مجال التعليم، شيدت المدارس والثانويات، واستحدثت مدارس الامتياز والمعاهد المتخصصة، كما شيدت الكليات الجامعية وتم توفير كافة مستلزماتها البشرية والفنية واللوجستية، ولأول مرة في تاريخ البلاد يخصص رئيس الجمهورية سنة للتعليم والتكوين.
أما فيما يتعلق بالحريات الفردية والجماعية، فقد تقدمت موريتانيا على كافة دول المنطقة في حرية الصحافة وحرية التعبير، وخلت سجونها من معتقلي الرأي، وتعمل الأحزاب السياسية والصحافة ومنظمات المجتمع المدني بحرية تامة، وتشهد الساحات العمومية المسيرات والوقفات الاحتجاجية والاعتصامات والمهرجانات بكافة أشكالها دون أن تسجل أية مضايقات، ما لم تصل حد تهديد الأمن.
كما شهد البلد انفتاحا غير مسبوق، توجه بحوارات مع المعارضة وأدى بعضها إلى نتائج عززت التجربة الديمقراطية، وتم وضعها على المحك في كافة الاستحقاقات الأخيرة (الرئاسية، البرلمانية، البلدية)، وتم تتويجها بالحوار الوطني الشامل، الذي وضع حلولا لكافة الإشكالات العالقة، وأسس لتثمين المقاومة وانصاف شهداء الكرامة الذين ضحوا بأرواحهم دفاعا عن هذا الوطن الغالي وإعادة كتابة تاريخ البلد بأقلام أمينة, وهو ما تم تتويجه باستفتاء دستوري دخلت معه الجمهورية الثالثة حيز التنفيذ.
إن الشعب الموريتاني, إذ يتابع تلك الإنجازات العملاقة التي تحققت في ظرف وجيز, ان يرضى بالعودة إلى مربع التيه الذي عاش مآسيه بكل تفاصيله المريرة, وسيفرض إرادته باعتباره مصدر كل التشريعات.