طفت على واجهة الأحداث في موريتانيا أنباء تتحدث عن صراع بين الرئيس الموريتاني سيدي ولد الشيخ عبد الله واثنين من الجنرالات المقربين إليه.
وطبقا للمعلومات المتداولة في نواكشوط يعمل قائد الأمن الرئاسي الجنرال محمد ولد عبد العزيز، وقائد أركان الجيش الجنرال محمد ولد الغزواني على الإطاحة بالحكومة من خلال برلمانيين من الحزب الحاكم يعملون على التحالف مع برلمانيي المعارضة لحجب الثقة عن الحكومة.
ويقول البرلمانيون المنشقون عن الحزب الحاكم إنهم يعارضون وجود بعض الوجوه البارزة في نظام الرئيس السابق معاوية ولد الطايع ضمن أعضاء الحكومة التي شكلت مؤخرا.
عودة وجوه نظام ولد الطايع
وتمثل عودة سياسيي فترة ولد الطايع إلى الواجهة – طبقا لمراقبين – إحراجا للجنرالات الذين انقلبوا على ولد الطايع عام 2005 ويصفون نظامه بالفساد.
ظل الحديث عن علاقات الرئيس والعسكريين الذين دعموه في انتخابات العام الماضي في مستوى الهمس والتكهنات غير أن الخلافات بين الطرفين أصبحت هذه الأيام حديث كل الموريتانيين والصحف المحلية في العلن.
وقال المصطفى ولد بدر الدين النائب عن حزب ” اتحاد قوى التقدم” المشارك في الحكومة لبي بي سي إن ” هناك صراعا بين الشرعية ممثلة في الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله، وبين العسكر ممثلا في الجنرالين محمد ولد عبد العزيز، ومحمد ولد الغزواني”.
ودعا ولد بدر الدين الجيش إلى الإبتعاد عن السياسة والتفرغ لمهام “الدفاع عن الوطن ومؤسساته الدستورية”.
وكان الرئيس ولد الشيخ عبد الله رقي العقيدين عزيز وغزواني إلي رتبة جنرال قبل شهور وسط استياء في أوسط كبار الضباط من هذه الترقية التي شملت فقط ثلاثة من زملائهم، وجاءت بعد إحالة عدد من الضباط السامين إلى ما يشبه التقاعد.
وقد بدت تلك الترقية مكافأة للضابطين علي جهودهما في دعم ولد الشيخ عبد الله خلال انتخابات العام الماضي حينما كانا يشاركان الرئيس السابق العقيد علي ولد محمد فال الحكم في اللجنة العسكرية التي أطاحت نظام الرئيس معاوية ولد الطايع في العام 2005.
ما الجديد إذن؟
يقول بدر الدين إن “العسكر يعترض علي دخول وجوه من نظام ولد الطايع الحكومة الجديدة ، وكذلك دخول أحزاب كانت في المعارضة ولا يريدها العسكر” . وهي إشارة إلي حزبي ” اتحاد قوي التقدم” اليساري وحزب تواصل” الإسلامي.
الوزير الموريتاني الأول يحي ولد احمد الواقف وهو أيضا رئيس حزب “العهد الوطني للديمقراطية والتنمية” الحاكم رفض في مؤتمر صحفي أمس أن يؤكد أو ينفي وجود خلافات بين الرئيس والعسكر مشيرا إلى أنه يعرف فقط أن نوابا من حزبه لا يرضون عنه.
ويتخذ الصراع شكل تمرد من برلمانيين في الحزب الحاكم يدعون إلي حجب الثقة عن الحكومة التي شكلت مؤخرا. ويقال إن الجنرالين يقفان خلف أنشطتهم.
وقد اعتذر النائب محمد يحي ولد الخرشي وهو أحد هؤلاء باسم زملائه عن عدم الحديث إلى بي بي سي عن الموضوع مشيرا إلى أنه وزملاءه يجرون بعض المشاورات ويفضلون “عدم الحديث الآن”.
غير أن مصادر المنشقين قدرت لبي بي سي عددهم بأكثر من ثلاثين نائبا مؤكدة أنهم على صلة بنواب المعارضة الذين يبلغ عددهم 18، وذلك من أجل حجب الثقة عن الحكومة.
ولكي تسقط الحكومة ينبغي أن يصوت ضدها واحد وخمسون في المائة من أعضاء البرلمان البالغ عددهم 95 عضوا.
سيناريوهات
ويطرح المراقبون سيناريوهات محتملة في مقدمها إقالة الجنرالين، غير أن هذا الإحتمال لا يبدو قويا إذ يفترض أن العسكريين يمسكون بأوراق يمكن لعبها وليس من بينها بالطبع انقلاب عسكري جديد لن يُرحب به لا في الداخل ولا في الخراج.
ومن السيناريوهات المطروحة أيضا حل البرلمان غير أن المحلل السياسي الموريتاني محمد محمود أبو المعالي يعتبره أمرا غير واقعي “إذ ليس هناك ما يضمن أن تأتي انتخابات جديدة بما يرضي الرئيس”، وهو يرجح إقالة الحكومة وتشكيل أخرى بالتعاون مع المعارضة.
ولعل الإحتمال الأرجح هو توصل الطرفين إلي تفاهم يتعايشان بموجبه في شكل تعديل وزاري ترى فيه كل الأطراف جزءا من مبتغاها.
يُذكر أن هذه هي المرة الأولى في التاريخ الموريتاني التي يجري فيها الحديث علنا عن خلاف داخل السلطة. وهذا ما أعطي الموضوع، ربما، زخما أقوى من حجمه الحقيقي.
الثلاثاء 24 يونيو 2008
نواكشوط- الشيخ بكاي