ــ بانتخاب برلمان جديد تكون الحكومة الحالية قد فقدت شرعيتها التي اكتسبتها من ثقة البرلمان المنصرف ، وبالتالي فإن تشكيل حكومة جديدة يعرض وزيرها الأول برنامجه على البرلمان الجديد أصبح مسألة وقت ، وهو ما يعني أن الوزير الأول في هذه الحكومة هو أحد هؤلاء لا محالة الذين تروج بعض الأجهزة السرية في الدولة لبعضهم ، ويدفع بعضهم باسمه للتداول ، وتسند المعايير الموضوعية بعضهم الآخر :
ــ أولا : الوزير الأول الحالي يحي ولد حدمين : فإمكانية إعادة الثقة فيه واردة خاصة مع محدودية الفترة المتبقية من مأمورية الرئيس ، وما للرجل من خبرة راكمها خلال السنين الماضية ، كما أن إعادة الثقة فيه ستحافظ على وحدة جماعة مضمونة للرئيس يتزعمها الرجل وغيابه عن التصدر قد يؤدي بها إلى التشتت بوصفه ضابط إيقاعها .
أما في الجانب الذي لا يدعم بقاء الرجل فأهم عوامله التطلع للتغيير والحاجة إليه الذي يعكسه المزاج العام ، وأن الفترة القادمة ستكون فترة كثرة التعيينات لملء الوظائف بطريقة تضمن كسب الفاعلين السياسيين ، ما يعني إعادة توزيع للتوظيف بما يخدم دعم أكبر قواعد توجه السلطة ، وهي المهمة التي قد يناسبها غير ولد حدمين باعتبار أنه سبق وأن ثبّت عناصره .
ثانيا : وزير الخارجية الحالي إسماعيل ولد الشيخ أحمد : أهم مبرر للقول بتعيينه وزيرا أول هو أن وزارة الخارجية قد لا تكون هي التي أتت به على حين غرة ليدفع بنفسه في أتون سياسة محلية قد تكون مكاسبه خارجها أكثر ، وبالتالي فإن اشتراطات أخرى بينها تعيينه وزيرا أول قد تكون ضمن عهدته مع النظام ، فتعيينه على الوزارة الأولى ربما يعطي تفسيرا لدخوله المفاجئ للحكومة الموريتانية ، كما أن تعيينه على حكومة ستدافع عن خيارات مصيرية للنظام يضمن سرعة التفهم لما يجري في موريتانيا من قبل الفاعلين في العالم ويحقق تجاوبا أكبر باعتبار ما يمتلكه الرجل من عناوين شخصيات ومؤسسات مؤثرة في السياسة الدولية حصل عليها أثناء ممارسته مهامه كموظف أممي وخصوصا كمبعوث أممي لحل أزمة اليمن ، هذا فضلا عن ميزة خاصة سيوفها تعيين الرجل وزيرا أول هي أن الوزارة الأولى ستعرف معه وزيرا أول طائرا بعد ما جربت ولسنين وزيرا أول قليل الأسفار إلى الخارج .
ضف إلى ذلك أن تعيين ولد الشيخ أحمد قد يكون مكافأة للترارزة على انضباطها الحزبي .
يبقى أن الحكم على حظوظ الرجل ليس بالأمر السهل لارتباطه بخفايا بنود اتفاق التحاقه المفاجئ بالنظام .
ثالثا : محمد ولد عبد الفتاح : الوزير بمرتبة ابن الرئيس والذي تميز في إدارة ملفه الحساس وحقق نجاحات في ملفات عدة من أبرزها الغاز كما يحظى بالإضافة إلى رضى الشركاء الأوربيين عنه برضى الرئيس وهو ما يؤهله لمنصب الوزير الأول خاصة أن تعيينه يمثل إضافة لما تقدم التفاتة من الرئيس إلى الشباب ، ويفتح الباب لتأسيس جبهة دعم قائمة على سواعد شابة وبقيم معاصرة ، وفي نفس الوقت لا تكتتب من المخزون الانتخابي الذي تعتمد عليه مراكز القوى القائمة فعلا .
تعيين الوزير الابن قد تقف في وجهه حداثة سنه التي قد تؤدي إلى حرمان الحكومة من وزراء الخبرة ورجالها بسبب فارق العمر بينهم والوزير الأول في مجتمع له قيم خاصة ، كما أن نجاحه في وزارته الحالية قد يقف عائقا أمام التخلي عن المكاسب التي تحققت بوجوده فيها .
رابعا : المختار ولد اجاي : الوزير الذي أهلته إدارة الضرائب لكسب ثقة الرئيس حتى جمع له وزارتي المالية والاقتصاد ، ولأن وزير المالية هو الوزير الأول الثاني لأي حكومة فمن الطبيعي عند الحديث عن استبدال الوزير الأول أن تتجه الأنظار في خلافته إلى وزير المالية لاطلاعه على الملفات الأساسية وفي حالة ولد اجاي جمع معها أدوارا سياسية هامة .
لكن حظوظ الرجل في الوزارة الأولى تعترضها معوقات جمة منها أن سر صعوده هو مكمن العوائق أمامه ، فالجباية تكسب من الخصوم إن لم نقل الأعداء أكثر من ما تجلب من الأنصار ، والأدوار السياسية التي تصدر لها الرجل خلقت له أعداء وازنين بدءا بالمستوى المحلي وصولا إلى الدائرة الضيقة للرئيس ، مرورا بأغلب مراكز القوى داخل النظام .
خامسا : محمد سالم ولد البشير : مدير عملاق المناجم وهو الرجل الذي قد يحمل تعيينه رسالة يقرؤها كل على طريقته ، فهو يجسد (كوكتل) موريتاني ، كما أنه يعرف ملفاته التي يسير وكشفت ردوده على البرلمانيين عن قدرة على الإقناع .
وقد يقف حجر عثرة أمام تعيينه وزيرا أول الحديث عن غروره ، وميزته التي هي أنه يمثل كل موريتانيا تجعله أيضا لا يمثل أحدا في موريتانيا .
سادسا : محمد سالم ولد مرزوق : الرجل الذي وقفت الدولة ضد التجديد له في مأموريته كمفوض لمنظمة استثمار نهر السنغال ، ولم يرد الرئيس الإلقاء به في اليم خشية أن يكون له حزنا فعينه مستشارا بالقصر الرمادي ، وتعيينه في الوزارة الأولى يتوكأ فيه على جمعه بين انتمائه الحركي وبعده الشرائحي وخبرته الداخلية وكموظف دولي ، وطبيعته غير الصدامية التي توفر له القبول بين قدر كبير من الناس .
في وجه ولد مرزوق تقف معوقات أبرزها ثقافته الفرنسية البحتة وانزواؤه .
سابعا : الناها بنت مكناس : الوزيرة بالوراثة ترشحها خبرتها الدبلوماسية وعامل النوع ، ويميزها عن سابقيها الوزن الانتخابي لها ولحزبها ، غير أن طريقها إلى الوزارة الأولى غير سالك فعقبته الأساسية أن الوزير الأول يفترض فيه أن يكون للقوى الأولى في البرلمان ، أو لشخصيات غير حزبية وهذا ما لا ينطبق عليها بالمجمل .
الخيار الأقوى
الترشيحات السابقة هي قراءات استقرائية انطباعية ، أما الخيار الأقوى فهو خيار الرئيس الذي قد يكون مفاجئا كعادته ، وخارجا عن سلطة التوقع ، يبنيه الرئيس على مراعاة توازنات استقر عليها نظامه كإسناد الوزارة الأولى لمنحدر من الحوض الشرقي غير رئيس الوزراء المنصرف ، أو بإسنادها إلى إطار من “لحراطين ” على اعتبار غياب مرشح جدي لرئاسة البرلمان من هذه الشريحة ، وبنفس المنطلق يمكن أن يسندها لأحد الزنوج لغياب هذه المجموعة عن رئاسة إحدى المؤسسات الدستورية ، وقد يعضد الرئيس أي المعايير اعتمد بإضافة محدد الجنس لإضفاء مزيد من المفاجأة على خياره .
نوافذ