حل عن دنيانا الفانية مساء أمس رجل من الرجال النادرين، رجل اعترف له الجميع بأنه جمع أسباب الرجولة ومكارم الخلق، فحق أن يكتب اسمه مع الخالدين، إنه الرجل التقي النقي القدوة الرئيس السابق محمد محمود ولد أحمد لولي.
وهنا أريد أن أقدم شهادتي أنا محمد سالم ولد هيبه في حق هذا الرجل الذي أخذ من قلوب الناس عزة وقبولا فأقول :
ـ عرف الرجل بالشجاعة :
فبصفتي جندي سابق يقول محمد سالم ولد هيبه تحت قيادة المغفور له المرحوم محمد محمود ولد أحمد لولي في بير ام اكرين: فقد تلقينا في بير ام اكرين سنة 1976 أن أحد الجنود أصيب بطلق نار وتوفي، فلم يستطع أحد الإقدام عليه طيلة يومين، فأخذ محمد محمود ولد أحمد لولي سيارة يقودها رجل اسمه احمد ولد دديه، وكان ولد أحمد لولي حينها نقيبا وقائدا، و بدلا من أن يرسل أحد الضباط أو الجنود الذين هم تحت إمرته ليجلب جثة الرجل، توجه هو بنفسه نحو جثة الجندي القتيل ، فأخذه بيده ووضعه في السيارة وعاد به، وأثناء عودته أصيب بطلق نار في كتفه وظل مبتسما وتم نقله في طائرة إلى الخارج ليتلقى العلاج، وظل يبتسم والدماء تسيل من كتفه بين الضباط والجنود. فكان رجلا لا يخشى الموت.
ـ محمد محمود في المسجد : ومن العادة أن يجلس الرجل في مقدمة الصفوف وهو يرتدي خفه وثيابه النقية الطاهرة، وفق العارفين به وكان لا يتخلف عن صلاة مكتوبة.
ـ الخوف من الله عرف ولد أحمد لولي بالورع والابتعاد عن الشبهات بشهادة من المقربين منه ومن عاصروه.
ـ الاستعداد للموت كان الرجل مبتسما في كل حياته يلقى الناس بوجه طلق عليه البشاشة والحسن وحتى في أشد الأوقات عليه سواء حين أصيب في كتفه من طلق نار وسواء حين كان متكئا على فراش الموت حيث توفي مبتسما وفق من حضروا.
ـ وظل ولد محمد محمود عزيزا في المؤسسة العسكرية مبجلا، تجمعه علاقة جيدة ومتبادلة مع جميع أفراد المؤسسة ولم يحمل ضغينة لأحد.
ـ ولد أحمد لولي رجل يحب المسجد: حيث يعتبر محمد محمود هو أول من بنا مصلى في الرئاسة خلال رئاسته ويصلي به هو وجميع عمال الرئاسة.
ـ ولد أحمد لولي مثقفا : كان الرجل مثقفا من خيرة الضباط الموريتانيين الذين أسسوا المؤسسة العسكرية وخدموا الوطن بجد وإخلاص، وكان على قدر كبير من المعرفة.
ـ حسن التعامل مع الناس : كان محمد محمود رجلا كيسا في معاملته مع الجنود ومن هم فوق ذلك، فكان يعاملهم كما لو أنهم أبناؤه، وكان متفهما لأوضاع الجميع وكان لا ينادي أحدا إلى ودعا له الله بالهداية.
وقبل أن أختم أقدم شكري لرئيس الجمهورية محمد ولد عبد العزيز ولمرشح التوافق محمد ولد الشيخ محمد أحمد على وقوفهما مع أسرة الرجل وحضورهما للصلاة والدفن، حيث ظهر رئيس الجمهورية عند الدفن كمواطن بسيط يجمع الجحارة ويعين الأسر في مراسيم الدفن وعلى وجهه الحزن، فله كل الشكر والامتنان على تواضعه حيث كان يتحرك ويعمل بيده كأي مواطن، وبتلك المناسبة أدعوه إلى أن ينزل هذا الرجل منزلته، فأقل ما يجزئ في حق ولد أحمد لولي أن يبنى مسجدا ويطلق عليه اسم الرئيس السابق محمد محمود ولد أحمد لولي، تكريما له بقدر حبه للمساجد فذلك هو حقه من التكريم، كما أناشد رئيس الجمهورية والرئيس المقبل أن يولوا اهتماما خاصا لعائلة الرئيس السابق محمد محمود ولد أحمد لولي، بابنه الوحيد وبناته وحرمه، وأحفاده.
وأختم بأنه تربطني أنا محمد سالم ولد هيبه علاقة كبيرة وقوية بالعلويين كبارا وصغارا، علاقة رساخة أقرب للأخوة، حتى يحسبني من رآني بينهم وكأني منهم، أحب ما يحبون وأكره ما يكرهون.
وأدلى ولد هيبه بتصريحه من أمام مسجد ابن عباس رفقة رئيس الجمهورية كما في الصورة.