الخيانة هي تجارة بائرة، وانتهاك للأمانة، وتعتبر الخيانة من أشد الصفات الممقوتة والذميمة، فلا تكاد توجد صفة قبيحة جمعت أنواعا من الشرور مثل الخيانة، وقد نهت وحذرت نصوص الشرع من هذه الخصلة أشد تحذير، قال تعالى في محكم كتابه العزيز: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} صدق الله العظيم
وقال عز وجل {إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ الْخَائِنِينَ} صدق الله العظيم
وبين الرسول عليه أفضل الصلاة والسلام فداحة هذا الجرم، فقال: (ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة من قطيعة الرحم والخيانة والكذب) رواه الطبراني
ومن أسوأ أنواع الخيانة خيانة الله ورسوله، وخيانة عباده، وخيانة الوطن، وخائن الوطن هو خائن لله ورسوله، فإن الله تعالى أمر بالإحسان والإخلاص، والمحافظة على الوطن والوفاء له، وصاحب الخيانة يخترق ذلك كله، فهو بعيد عن الإحسان، متجرد من الوفاء، ساع في زوال نعم الأمن والاستقرار، والعيش بسلام وأمان، محرض على الفتنة والتفرقة، ماش في طريق الهدم والخراب والدمار ..
ومثل بيرام ولد الداه ولد اعبيد في رسالته الأخيرة للرئيس الفرنسي نموذجا لخيانة الوطن والشعب، حين قدم معلومات مغلوطة وتحامل على الأئمة والعلماء الأجلاء، وسخر من المحاظر، وهاجم المذهب المالكي، مذهب مالك ابن أنس إمام دار الهجرة، مذهب السلوك والتعبد والتقاضي ..
ولم يقف الخائن بيرام عند ذلك الحد في رسالته لماكرون بل استهزأ بمشاعرنا كمسلمين وكشعب لأرض المنارة والرباط، وأرض العلم والعلماء ووقف مؤيدا ومناصرا للزنديق محمد الشيخ ولد امخيطير الذي تجرأ على النيل من جناب خير البرية محمد عليه افضل الصلاة والسلام ..
التاجر بيرام حارق أمهات الكتب الإسلامية، ومفرق الجماعات، وخائن الوطن والشعب، يسعى من خلال هذه الرسالة الخبيثة إلى تشويه صورة الجمهورية الإسلامية الموريتانية في وجه قمة افريقية تنظم لأول مرة في عاصمة بلادنا الحبيبة، لكن لن يتحقق له ما يريد بفضل وحدة شعبنا الأبي ودفاعه المستميت عن ديننا ومذهبنا المالكي القويم ..
لست هنا معنيا بالدفاع عن سياسات نظام ولد عبد العزيز، ولا التطرق للخطوات التي قطعتها البلاد في السنوات الأخيرة في مجال مكافحة آثار الاسترقاق، ورفع المظالم عن الفئات المهمشة واشراك الجميع في تسيير شؤون البلاد والعباد، وإنما سأرد بقصاصات قصيرة على بعض مزايدات بيرام التي وردت في رسالته للرئيس الفرنسي ماكرون ..
التاجر بيرام
إن الرئيس الفرنسي يدرك تماما بأن موريتانيا لم يعد يوجد فيها الرق بمفهومه الحقيقي، ولا أي نوع من المتاجرة بالبشر، واتحداك أن تظهر حالة عبودية واحدة في يومنا هذا، لكن أتفق معك بأن آثار الاسترقاق لا زالت تلقي بظلالها على المجتمع في مجالات عديدة سياسية، واقتصادية، واجتماعية، وثقافية ..
وهو ما يتطلب من الجميع قمة وقاعدة توحيد الصفوف لمكافحة آثار العبودية والاسترقاق، وبناء دولة عدالة اجتماعية يسودها العدل والإنصاف، فتنغرس في نفوس كل المواطنين قيم المساواة والعدالة، ليكون الجميع سواسية أمام القانون ..
التاجر بيرام
إن التعدد الثقافي والسياسي يعتبر مصدر ثراء لموريتانيا، وواجبنا هو تعزيز نموذج التعايش الذي يضمن لجميع المواطنين العيش الكريم في وئام بغض النظر عن اختلاف الثقافات والأعراق، وأما مزاعمك عن “التطهير العرقي” في موريتانيا ضد السود ما بين1986و 1991 فهي أكذوبة كبرى تنضاف لمزايداتك وأكاذيبك الكثيرة التي ملأت الآفاق، ولم تعد تنطلي على أحد من خلق الله.
إن مكونات الشعب الموريتاني (عرب “بيض وسمر”، البولار، وولف، السونينكي) مكونات تتعايش منذ عقود بسلام وأمان في بلدهم الموحد، ولا يجدون من خطر أشد من خطر أمثالك من العنصريين المتاجرين بقضايا الشعوب، الذين يسعون إلى تدويل كل صغيرة وكبيرة لتشويه سمعة الوطن والإضرار بمصالحه الاقتصادية والسياسية، وبث سموم الكراهية والتفرقة بين صفوف المواطنين، بهدف ضرب الوحدة الوطنية، وتعكير صفو الانسجام الاجتماعي.
التاجر بيرام
تعتمد دائما في مزايداتك المتواصلة على احصائيات باطلة تستبطن فيها نوايا خبيثة، ولا اعتقد أن مزاعمك حولها ستقدم أو تؤخر، فالشعب الموريتاني بأسره لا يتجاوز الأربع ملايين نسمة في دولة غنية بمواردها الطبيعية ومقدراتها الاقتصادية الواعدة، وما ينبغي فعله في هذا الصدد هو المطالبة بتسيير معقلن لتلك الموارد، وتوزيعها بعدالة حتى يستفيد منها كل المواطنين بلا استثناء في إطار بناء دولة قانون متطورة ومزدهرة، قوية وموحدة.
واعتقد أن أي إحصاء مهني لكل الموريتانيين داخل البلاد وخارجها (في ليبيا، وأزواد، والصحراء الغربية، ودول افريقيا، ولجالياتنا في البلدان الغربية والعربية) فسيُظهر لاشك توازنا ديمغرافيا بين مختلف فئات الشعب وشرائحه .. وينبغي أن لا نستعجل الأمور في هذا المجال
التاجر بيرام
لستُ شخصيا من جوق المصفقين للأنظمة وأصحاب التطبيل الأعمى، لكن حقيقة الأمر أن بلادنا اعتمدت في السنوات الأخيرة استراتيجية فعالة لمكافحة التطرف والعنف للحفاظ على أمنها و خدمة للسلم الإقليمي و الدولي ، فقد تم تزويد قوى الجيش والأمن الوطني بالإمكانيات البشرية و اللوجستية التي تلائم نمط تحرك الجماعات المسلحة ومكافحة الإرهاب، وخاضت بلادنا رهان المواجهة العسكرية مع عتاة الإرهابيين في المغرب الإسلامي، كما حصل في 2010 في غابة، واغادو..
ولم تعتمد موريتانيا منهج التصدي للإرهاب علي الحلول الأمنية فقط، بل لجأت في حربها عليه إلي حوار فكري قاده علماء أجلاء ومفكرون معتدلون، وقد أدى ذلك الحوار إلى التصدي للخطاب الديني المتطرف، حيث تمكنت بلادنا من دحر الإرهابيين والسيطرة عليهم بعد أن تعرضت لهجمات مكثفة في عامي 2006 و 2007 وصلت آنذاك إلى قلب العاصمة انواكشوط.
التاجر بيرام
كيف تجرأت على وصف المحاظر الشنقيطية بأوصاف لا تليق بها، وتعتبرها وكرا للإرهاب والتطرف، هل نسيت أو تناسيت بأن المحاظر الموريتانية شكلت عبر العصور حاضنة للهوية الإسلامية وللخصوصيات الروحية والثقافية والحضارية للأمة، وظلت مؤسسات تعليمية مفتوحة، تنشر المعارف العربية والإسلامية بمختلف فنونها في ربوع الصحراء، وكانت وعاء حافظا لعلوم الشريعة، والثقافة العربية في أرض شنقيط، ومرتعا للنهل من معين لا ينضب من شتي صنوف المعارف والفنون ..
كيف تكون المحاظر الشنقيطية وكرا للإرهاب والتطرف؟ وهي التي خرجت على مدى قرون الآلاف من كبار العلماء الذين جابوا الدنيا بعلومهم، وعملوا على نشر الإسلام وتعاليمه في كافة الربوع.
التاجر بيرام
لقد ظهرت على حقيقتك التي لا مراء فيها حين انبريت في رسالتك لماكرون من أجل الدفاع عن المسيئ ولد امخيطير، الذي تجرأ على الإساءة لجناب النبوة، وقال اجماع العلماء بوجوب قتله وتشريد من خلفه به وإن تاب وحسن إسلامه.
وذلك وفق الأدلة بالكتاب والسنة، وسد الذرائع إلى الإلحاد والاستهزاء بالله وآياته وكتبه ورسله وحماية وصون الجناب الطاهر الرفيع ..
ومع ذلك يأتي بيرام للمطالبة بتحريره وسط خشية شديدة من اغتياله، عليه لعنة الله والناس اجمعين..
وهناك يصدق فيكما قول الشاعر:
لا يصلح الناسُ فوضى لا سراة لهم ** ولا سراة إذا جهالهم سادوا
تبقى الأمور بأهل الرأي ما صلَـُحت ** فإن تولت فبالأشرار تنقادُ
التاجر بيرام
كثيرة هي المغالطات والأكاذيب التي تضمنتها رسالتك للرئيس الفرنسي ماكرون، لكن اكتفي الآن بهذا القدر من الرد عليها ..
وأطالب باسم الشعب الموريتاني الأبي بمحاكمة تاجر القضايا الإنسانية بيرام وسجنه، بعد أن وصل إلى قمة التطرف بمهاجمته العلماء الأجلاء، والسخرية من محاظرنا العتيقة التي تعتبر عمق موريتانيا الحضاري وتراثها المجيد، بالإضافة إلى وقوفه في صف المدافعين عن ولد امخيطير المسيئ لجانب النبوة، ونشر الأكاذيب والمزايدات من أجل تدويل قضايا الوطن والإساءة على سمعته والاضرار بمصالحه في العالم ..
بيرام تجاوز كل الحدود، وحان الوقت لوضع حد لاستفزازاته المستمرة لشعب مسلم في بلد مسلم.
عاشت موريتانيا دولة قوية وموحدة
عاش الشعب الموريتاني في أمن وأمان
عاشت الوحدة الوطنية
عزيز ولد الصوفي
صحفي مؤيد للقضايا العادلة.