وتحظى “ملحمة كمين البرث” بخصوصية خاصة ضمن عمليات الجيش المصري في السنوات الأخيرة ضد العناصر الإرهابية في سيناء، لتفاصيلها المروعة، وشدة الهجوم الذي تعرض إليه الموقع، سواء لجهة أعداد العناصر الإرهابية المشاركة فيه وكذلك لجهة تسليحهم والسيارات المفخخة المستخدمة في محاصرته.

وأيضا لما تضمنته من استبسال العسكريين المصريين في المواجهة على مدار عدة ساعات حتى وصول الإمدادات الجوية.

وعلى مدار نحو 4 ساعات متواصلة من الصمود، أظهر الضباط والجنود المصريون صلابة حرمت العناصر الإرهابية من السيطرة على الموقع أو أسر أي من العسكريين، بعد أن حاصرت تلك العناصر الموقع، محاولة منع وصول الإمدادات عبر الألغام والسيارات المفخخة شديدة التدريع.

كانت العناصر الإرهابية تستهدف السيطرة على”البرث” ذي الموقع الاستراتيجي، ورفع علم تنظيم داعش عليه، في محاولة لتحقيق انتصار -إعلامي على الأقل- يروجون من خلاله لسيطرتهم وحضورهم وإبراز واستعراض قوتهم المزعومة.

وقد شارك في الهجوم بعض من الضباط المنشقين عن وزارة الداخلية الذين انضموا إلى التنظيم الإرهابي.

وتعتبر منطقة البرث نقطة استراتيجية مؤثرة، تشكل عائقاً أمام تسلل العناصر الإرهابية، وقطع الإمدادات إليهم، ومن ثم كانت هناك محاولات مختلفة لاستهداف تلك النقطة التي تربط وسط سيناء برفع والشيخ زويد.

وبدأ الهجوم في 7 يوليو من عام 2017، في الساعة الرابعة فجراً وعبر نحو 150 عنصراً مقاتلاً تابعاً لتنظيم داعش الإرهابي، وباستخدام نحو 12 سيارة كروز مُدججة بالأسلحة المختلفة، بداية من الأسلحة الخفيفة وقذائف “آر بي جي” وهاون، فضلاً عن المفخخات والقنابل اليدوية.

السيارات المفخخة

استخدمت العناصر الإرهابية في بداية الهجوم سيارة مفخخة جرى تمويهها داخل إحدى المزارع، من أجل اختراق الموقع ، بينما بدأت القوات في التعامل معها على الفور، إلا أن السيارة ومع شدة تدريعها ومع إطلاق النار انفجرت قرب الموقع، بينما كانت بقية العناصر الإرهابية تُطوق الكمين، محاولة في الوقت نفسه منع وصول الإمدادات إليه بأي شكل، من خلال زرع الألغام.

اعتمدت العناصر الإرهابية في الهجوم على السيارات المفخخة من أجل اختراق التحصينات الأمنية بالتمركزات المستهدفة ومواجهة القوات التي أبدت ثباتاً منذ اللحظة الأولى للهجوم.

ومنذ إبلاغ قائد الكتيبة المقدم أركان حرب آنذاك أحمد صابر المنسي، قيادة الجيش بتعرض الموقع لاهجوم، وحتى وصول الدعم الجوي، واصل العسكريون المصريون الذود عن الموقع  واصطياد العديد من العناصر الإرهابية.

ولم يكن المنسي منكفأ على نفسه في داخل الموقع، بل شارك جنوده في التصدي للدواعش، فكان يطلق النار من على سطح المبنى المحاصر صوب الإرهابيين، حتى قتل برصاص أحدهم، في مشهد بطولي، وثقته الدراما المصرية في مسلسل “الاختيار 1” الذي عرض في رمضان 2020.

الدعم الجوي

على مدار ساعات متتالية منذ بدء الهجوم وحتى وصول الدعم، تصدت قوات الكتيبة “103” من الصاعقة المصرية للعناصر الإرهابية، فيما تعرضت قوات الدعم التي تحركت لإنقاذ المحاصرين إلى هجمات بالألغام والسيارات المفخخة، حتى وصول الدعم الجوي.

ومع وصول مقاتلات سلاح الجو المصري، شرعت في قصف العناصر الإرهابية واصطيادهم، حتى تمكنت من إيقاع أكثر  40 قتيلاً في صفوف العناصر الإرهابية، فيما لاذ من استطاع منهم النجاة بالفرار، ليتم استهدافهم في عمليات تمشيط واسعة أجرتها القوات المسلحة وقوات الداخلية بعد ذلك.

كانت أوامر المنسي خلال المعركة لجنوده بحماية بعضهم البعض، وعدم ترك أي منهم جثة زميله حال مقتله حتى لا تتعرض للتمثيل بها على يد تلك العناصر الإرهابية، فكان غالبية من قتل في المعركة من أبطال المعركة قابضين على أسلحتهم أو داخل معداتهم العسكرية، فيما لم تستطع العناصر الإرهابية حمل ولو جثة واحدة لأي من الأبطال، وفروا هاربين تاركين جثث زملائهم التكفيريين ممن تم اصطيادهم في تلك المعركة.

وأمام بسالة الجنود المصريين، فشلت العناصر الإرهابية في تحقيق هدفهم من الهجوم وهو احتلال التمركز الأمني وتدميره بالكامل ورفع علم داعش لتحقيق انتصار نوعي.